تحرش علني في طنجة يؤدي إلى استنكار ومطالب بتطبيق القوانين ضد العنف المرتبط بالجنس

تحرش علني في طنجة يؤدي إلى استنكار ومطالب بتطبيق القوانين ضد العنف المرتبط بالجنس

اهتزّت مدينة طنجة بداية الأسبوع الجاري على وقع واقعة تحرش علني وثّقها شريط فيديو جرى تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، يظهر شابًا وهو يعتدي لفظيًا وجسديًا على فتاة في شارع عمومي ليلاً، وسط دهشة المارة وسخط المتابعين.

الحادث، الذي وقع في أحد شوارع المدينة، أعاد إلى الواجهة قضايا العنف ضد النساء في الفضاءات العامة، خاصة في ظل تكرار حالات مماثلة بالمدينة ذاتها خلال الأشهر الأخيرة. وسرعان ما أثار المقطع موجة من التنديد والغضب، وجدلاً واسعاً حول حدود القانون، وفعالية التدخل المؤسساتي، ودور التربية المجتمعية في ردع هذه السلوكيات.

وفي رد فعلها على الواقعة، أدانت عدد من الجمعيات النسائية والحقوقية الفعل الموثق، مؤكدة أن مثل هذه السلوكيات “لا يمكن السكوت عنها”، وأنها تمثل امتدادًا لـ”عقلية ذكورية تستبيح أجساد النساء”، على حد تعبيرها.

وفي هذا السياق، أكدت مريم مدجاوي، عضوة مكتب الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن ما وقع “ليس مجرد تحرش عابر، بل هو عنف قائم على النوع الاجتماعي، يعكس عقلية تعتبر أن المرأة لا تملك الحق في التواجد الآمن بالفضاء العام، بغض النظر عن لباسها أو مظهرها”.

وشدّدت مدجاوي على أن الجمعية تدعم الضحية وتطالب بـ”التطبيق الفوري والصارم” للقانون رقم 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، مشيرة إلى أن هذا القانون يجرّم بشكل واضح هذا النوع من الأفعال ويوفر للضحايا آليات التبليغ والحماية، لكنه ما يزال في حاجة إلى مراجعة شاملة لتعزيز فعاليته وتوسيعه ليشمل كل أشكال العنف، بما فيها الوقاية والتكفل والمتابعة النفسية والاجتماعية.

وأضافت أن العقوبات المنصوص عليها في القانون تتراوح ما بين شهر إلى ستة أشهر حبسا، وغرامات مالية تتراوح بين 2000 و10.000 درهم، مع إمكانية التشديد إذا كان الفاعل في موقع سلطة أو إذا كانت الضحية قاصراً. لكنها أكدت أن “وجود دليل مرئي كما في هذه الحالة يُوجب تحريك المتابعة القضائية تلقائيًا من طرف النيابة العامة، دون انتظار تقديم شكاية من الضحية، تفعيلاً لروح القانون”.

وأوضحت أن الحادث لا يُعد استثناءً، بل إن التحرش والاعتداءات المماثلة باتت تُسجّل يومياً في مختلف المدن، وغالباً ما تواجه بالتطبيع الاجتماعي أو بالتجاهل الرسمي، أو بصمت الضحايا خوفاً من وصم اجتماعي أو غياب الثقة في العدالة.

وانتقدت الفاعلة الحقوقية قصور القانون الحالي عن توفير ضمانات حقيقية لمواكبة الضحايا نفسيًا واجتماعيًا، معتبرة أن المنظومة القانونية تركز على البعد الزجري دون معالجة جذرية للظاهرة في بعدها التربوي والثقافي والمؤسساتي.

من جهة أخرى، نبّهت مدجاوي إلى أن تداول الفيديو على نطاق واسع يمثل بدوره شكلاً من أشكال العنف الرقمي المزدوج، حيث تتعرض الضحية للانتهاك مرتين: مرة أثناء الفعل، ومرة أخرى عبر إعادة نشر صور الاعتداء، وهو ما يسهم – حسب قولها – في إعادة وصم النساء بدل التضامن معهن. ودعت إلى الكف عن إعادة نشر المقطع احترامًا لكرامة الضحية، وحصر التعامل معه في الإبلاغ عنه للسلطات المختصة.