بين التألق والابتذال.. هل تخطى طوطو الحدود في مهرجان موازين؟

فتح مغني الراب “طوطو” باب النقاش مجددا حول التحولات التي يعرفها فن الراب في المغرب، إذ عقب سهرته الأخيرة على منصة “السويسي” ضمن فعاليات مهرجان موازين، أثار عرضه الجدل بين مؤيد يعتبره تجديدًا في الساحة الفنية، ومعارض يرى فيه تهديدا للذوق العام.
وتمكن “طوطو” من تحقيق سابقة تاريخية باعتلائه منصة السويسي، كأول فنان مغربي يقدم عرضه الرئيسي عليها، مستقطبا جمهورا غفيرا، غالبيته من فئة الشباب والمراهقين، غير أن هذا الحضور الكثيف اعتبره البعض مؤشرا على شعبيته الواسعة، فيما رآه آخرون مقلقا لما يعكسه من تغير في الذوق الفني العام.
ورغم تقديمه لأغانيه بتقنية “البلاي باك”، تفاعل الحضور بشكل كبير مع عرضه، مرددين كلماته، على الرغم من احتواء بعضها على ألفاظ نابية، مما جلب انتقادات موجهة ليس فقط لطوطو، ولكن أيضا لمهرجان موازين الذي يُفترض أن يكرس قواعد فنية رفيعة.
وانقسمت الآراء حول هذه الظاهرة، إذ يرى منتقدون أن طوطو ليس “موهبة فوق العادة” في فن الراب، والذي كان في وقت سابق يشكل صوتا لمعاناة المهمشين بالأحياء الشعبية، أصبح اليوم في نظرهم يُجسّد موجة انحدار فني وقيمي، يتضمن رسائل تشجع على تعاطي المخدرات وتروج لما يصفونه بـ”التشمكير”، ما يشكل خطرا على فئات شابة تبحث عن قدوة أو مسار تعبيري، وفقهم.
وفي المقابل، يرى مدافعون عنه أنه فنان يمتلك مقومات احترافية عالمية، واستطاع أن يقدم عرضا مبهرا يضاهي عروض كبار الفنانين العالميين، مؤكدين أن ما يقوم به طوطو هو تطوير للراب، بأسلوبه الخاص الذي يجب أن يُحترم كجزء من تنوع الساحة الموسيقية، خصوصا وأنه يمثل المغرب في عدد من الملتقيات الدولية.
ويُرجع البعض بروز طوطو إلى ما يعتبرونه فراغا في ساحة الراب المغربي، بعد غياب أسماء بارزة مثل مسلم، البيغ، وفناير، الذين كانت رسائلهم تصل إلى مختلف شرائح المجتمع، في مقابل ظهور موجة جديدة تستهدف فئات عمرية محددة، وتحمل مضامين تعتبرها بعض الأصوات تجارية أكثر منها فنية أو فكرية.
ورضخت إدارة مهرجان “موازين إيقاعات العالم” لشروط المغني “الغراندي طوطو”، بمنحه تأشيرة الغناء على منصة “السويسي”، بعدما كانت هذه المنصة محجوزة على مدار سنوات بشكل حصري للفنانين الأجانب.
وكان “طوطو” أول فنان مغربي يصعد إلى منصة “السويسي” في مهرجان موازين، بعدما كانت تُمنح للمغاربة منصة “سلا” على مدار سنوات.
وسبق للفنان طوطو أن فرض شروطا غير مسبوقة فيما يتعلق بتعاقد الفنانين المغاربة مع مسؤولي هذه التظاهرة، في السنة الماضية، إذ اشترط صعوده لـ”السويسي” باعتباره يحقق أرقاما قياسية ويستقطب جماهير كبيرة داخل المغرب وخارجه، كما نجوم العالم، بحسب حُجته، الأمر الذي لم تقبله إدارة المهرجان حينها.
وخلال هذه السنة، غيرت إدارة مهرجان “موازين” قواعدها وشروط تعاقدها التي ظلت سارية المفعول لـ20 سنة، بقبولها شروط “طوطو”.
وأنهى “طوطو” عُقدة “الأجنبي” في مهرجان “موازين”، الذي كان على مدار سنوات يضع نجوم الدول الغربية في أعلى القائمة من حيث المنصة، والأجور، وظروف الحضور لهذه الفعالية.
وعاد “طوطو” إلى المشاركة في التظاهرات الرسمية بالمغرب، بعد قطيعة فرضتها أزمته المرتبطة بتفاخره بتعاطي الحشيش في ندوة صحفية من تنظيم وزارة الثقافة في سنة 2022، والتي جرّت عليه سيلا من الهجوم، بسبب ما اعتبره نشطاء “تحريضا” للمراهقين على سلوكات انحرافية.