السغروشني: لا يمكن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي دون إجراءات قوية لحماية البيانات الشخصية

شددت أمل الفلاح السغروشني، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، على أن تطوير الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يتحقق دون توفير حماية قانونية صارمة للمعطيات الشخصية، خاصة في ظل التوسع المتسارع لاستخدام الرقمنة في مختلف المجالات، وعلى رأسها قطاع التعليم.
وتابعت، خلال كلمة ألقتها في عشاء تحضيري للمناظرات الوطنية حول الذكاء الاصطناعي، الجمعة، أن التحدي لم يعد تقنيًا فقط، بل بات قانونيًا وأخلاقيًا أيضًا، متسائلة: “هل يمكننا، مثلًا، إنشاء نموذج تنبؤي يحدد منذ المراحل الأولى من التعليم من هم التلاميذ الذين سيحصلون على شهادة البكالوريا؟ نعم، هذا ممكن تقنيًا، لكن هل نمتلك الحق في ذلك؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن يُطرح.”
وأضافت أن هذا النوع من المعطيات يُصنف ضمن ما يُعرف بالبيانات المعرفية (les données cognitives)، ويتطلب تعاملاً بالغ الدقة، بالنظر إلى طابعه الحساس، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالحياة الشخصية أو السلوك المالي للأفراد.
في المقابل، أوضحت أن البيانات التقنية والآلية أقل إثارة للإشكالات من زاوية الحماية القانونية.
وفي هذا الصدد، استعرضت السغروشني الخطوط العريضة لخطة الحكومة في المجال التشريعي، مؤكدة أنه تم الشروع فعليًا في إعداد مشروع قانون شامل خاص بالرقمنة وحماية البيانات، يرتقب عرضه على البرلمان في أكتوبر المقبل.
كما أكدت أن هذا الورش القانوني يجري بالتوازي مع جهود تبسيط المساطر الإدارية وتسريع إصلاح الإدارة المغربية، حيث سيتم تفعيل مجموعة من الإجراءات التنظيمية الجديدة في شهري أكتوبر ونونبر القادمين.
وفي محور آخر من كلمتها، كشفت الوزيرة عن دخول المغرب في مفاوضات متقدمة مع شركاء أوروبيين ضمن برنامج “AI Factory”، الذي يضم 12 دولة أوروبية ويهدف إلى تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي من خلال توفير قدرة حسابية عالية (super puissance de calcul).
وأبرزت أنها ناقشت الملف بشكل مباشر مع شركاء أوروبيين، حيث اقترح الجانب الأوروبي تزويد المغرب بحاسوب عملاق وقدر معين من القدرة الحسابية، إلا أن المغرب طلب ما هو أبعد من ذلك.
وفي هذا السياق، اقترحت الوزيرة إنشاء ثلاثة مراكز بيانات ضخمة (Data Centers)، الأول بمدينة بنجرير من خلال توسيع البنية التحتية الحالية، والثاني بمدينة الداخلة في الجنوب، والثالث بمنطقة بن سليمان.
ووفق قولها، “تمت الموافقة المبدئية على هذا التصور الطموح، الذي من شأنه تعزيز موقع المغرب كقطب رقمي إقليمي”.
وأكدت السغروشني أن المغرب يتمتع اليوم بسمعة دولية جيدة، ويملك من المؤهلات ما يجعله مؤهلاً للعب دور “البوابة الرقمية لإفريقيا”، مشددة على أن البلاد مطالبة بجذب مستثمرين حقيقيين، وليس فقط سياحًا، من أجل بناء منظومة وطنية منتجة للبيانات وليس مستهلكة لها فقط.
كما نبهت إلى أن اهتمام الشركاء الأجانب بالمغرب لا يقتصر على الاتحاد الأوروبي، بل يشمل أيضًا الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وهو ما يعكس جاذبية المملكة في هذا المجال الحيوي.