“المجلس الاقتصادي” يدعو إلى تسريع تنظيم العمل عن بُعد: لتعزيز الاستثمار وخلق فرص العمل

“المجلس الاقتصادي” يدعو إلى تسريع تنظيم العمل عن بُعد: لتعزيز الاستثمار وخلق فرص العمل

اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن تقنين العمل عن بعد يشكل فرصة مناسبة للاقتصاد المغربي من أجل جذب الاستثمارات وخلق مناصب شغل لفئة الشباب والنساء وتعزيز تنافسية المقاولات، مشيراً إلى ضرورة تحيين المادة 8 من مدونة الشغل، لتشمل الأجراء الذين يشتغلون عن بعد.

وأشار المجلس، في رأيه حول “الأشكال اللانمطية للتشغيل والعلاقات المهنية: تحديات جديدة وفرص ناشئة”، أن انبثاق الأشكال اللانمطية للتشغيل في المغرب، مثله مثل باقي دول العالم، يأتي في سياق الدينامية المستمرة التي يعرفها سوق الشغل، في ضوء تحولات النشاط الاقتصادي وعوامل الإنتاج، لا سيما مع الصعود المطرد لتكنولوجيا المعرفة والرقميات.

وأضاف المصدر ذاته أن هذه التحولات بتداعياتها على علاقات العمل، تشكل فرصا بالنسبة لبلادنا لجذب الاستثمارات في هذه القطاعات الجديدة، وخلق المزيد من مناصب الشغل بالنسبة للشباب والنساء وتعزيز أداء وتنافسية المقاولات في إطار بيئة مهنية تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات.

ومن جهة أخرى، يؤكد المجلس على أن إرساء بيئة عمل مرنة قادرة على إدماج الأشكال الناشئة للتشغيل، يقتضي تحقيق نوع من التوازن بين تنافسية المقاولة وحاجيات السوق /الطلب وبين معايير العمل اللائق التي يتعين تكريسها لفائدة العاملات والعاملين عبر هذه الأشكال اللانمطية، من عدالة أجرية وحماية اجتماعية وشروط الصحة والسلامة المهنية وحرية التنظيم النقابي والحق في المفاوضة الجماعية، وغيرها من الحقوق والمكتسبات الدستورية والاتفاقية والتشريعية التي تتمتع بها الشغيلة في العمل القار والمهيكل.

وأوصى “مجلس اعمارة” بإدراج مقتضيات صريحة وواضحة للعمل لبعض الوقت في مدونة الشغل تحدد حقوق ومسؤوليات كل من المشغل والعامل، والتنصيص على إمكانيات وكيفيات الانتقال من العمل طيلة الوقت إلى العمل لبعض الوقت أو العكس، بإرادة الطرفين.

وبالنسبة للعمل عن بعد، أكد المصدر ذاته ضرورة تحيين المقتضيات القانونية المتعلقة بالعمل خارج مقرات المقاولة، ولا سيما المادة 8 من مدونة الشغل، وذلك لتشمل الأجراء الذين يشتغلون عن بعد، من منازلهم أو من أماكن أخرى، باستعمال أدوات وتكنولوجيات الاتصال الحديثة.

وأِشار التقرير إلى أهمية إضفاء الطابع الرسمي على نمط العمل عن بعد بالإدارات والمرافق العمومية، إلى جانب العمل الحضوري، وذلك بعد تقييم التجربة التي انطلقت مع حالة الطوارئ الصحية في عدد من القطاعات العمومية، وما يتطلبه تطبيق العمل عن بعد من بنيات تحتية، وتجهيزات تكنولوجية، وإجراءات تنظيمية ومسطرية، وتأهيل للموارد البشرية، وتدبير ملائم للزمن الإداري ونجاعة الأداء بالنسبة للعمل عبر المنصات الرقمية.

ولتحقيق هذه الغايات، شدد المجلس على ضرورة اعتماد تعريف قانوني دقيق للعلاقة الشغلية مع مقاولات المنصات الرقمية سواء كانت عبر الأنترنيت أو عبر تطبيقات خدمات الموقع، وتحديد أشكال التعاقد بوضوح أجير، مستقل، مقاولة من الباطن..)، وذلك حسب خصوصيات كل نشاط ضمانا للحماية القانونية للعاملات والعاملين في هذا القطاع الاقتصادي سريع التطور والانتشار بالإضافة إلى ضمان معايير العمل اللائق في الأشكال اللانمطية للتشغيل.

وفي ما يتعلق بالتشريع المتعلق بالحماية الاجتماعية، أوصى المجلس بجعل منظومة الحماية الاجتماعية أكثر ملاءمة للعاملات والعاملين اللانمطيين من خلال مراجعة شروط الاستفادة من مختلف الخدمات بما يتناسب مع خصوصية هذه الأنماط الشغلية، وتمتيعهم بكافة الحقوق الاجتماعية المخولة في إطار العمل القار والمهيكل.

وضمن توصيات “مجلس اعمارة” لإنجاح تقنين المغرب للعمل عن بعد وضع قواعد تنظم أوقات العمل وفترات الراحة بشكل يضمن للعامل عن بعد أو عبر المنصات حق قطع الاتصال عند انتهاء ساعات العمل المحددة أو المتفق عليها بين العامل والمشغل، وذلك لضمان التوازن بين المهام المهنية والحياة الشخصية والعائلية.

وسجل الرأي ذاته أنه لابد من جعل تطورات سوق الشغل، بما فيها الأشكال اللانمطية للتشغيل، ضمن المواضيع التي يتداول فيها الحوار الاجتماعي على المستوى الوطني والقطاعي، وذلك بما يمكن من تحويل تحديات الأتمتة والرقميات والمرونة الشغلية التي ستزيد حدتها مستقبلا، إلى فرص للحفاظ على الشغل داخل المقاولة، وخلق مناصب شغل جديدة مع ضمان متطلبات العمل اللائق.

وأوصت الوثيقة ذاتها بتمكين العاملات والعاملين اللانمطيين من المفاوضة الجماعية مع المشغلين وممثليهم بمختلف مستوياتهم، وذلك من خلال التنظيم والتمثيلية النقابية والمهنية، في أفق إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية الخليقة بضمان حقوق ومصالح هذه الفئات.