زيادة التكاليف بنسبة 50% خلال عقد من الزمن تُثير دعوات لتنفيذ نظام “الحج بالتقسيط”

تشهد تكاليف أداء فريضة الحج ارتفاعًا ملحوظًا بات يثير قلقًا واسعًا لدى شرائح كبيرة من المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود والمتوسط، إذ تجاوزت الكلفة الرسمية خلال العام الجاري عتبة 63.000 درهم، دون احتساب المصاريف الإضافية المتعلقة بالتجهيزات الشخصية.
فبعد أن كانت التكلفة في حدود 30.342 درهم سنة 2015، ارتفعت بشكل تدريجي لتصل إلى 46.922 درهم في 2016، ثم إلى 49.906 درهم في 2019. ورغم توقف تنظيم الحج في 2020 بسبب الجائحة، إلا أن تقديرات تلك السنة بلغت 50.445 درهم، قبل أن تقفز في 2021 إلى 63.800 درهم.
أما في موسم 2025، فرغم التوقعات بتراجع نسبي، ظلت المصاريف مرتفعة لتستقر عند 63.770 درهم، ما يعكس منحى تصاعديًا يطرح تساؤلات حول تدبير التكلفة ومدى قدرة فئات واسعة من المغاربة على تحملها.
ووجّه الفريق الحركي بمجلس النواب، عبر النائبة فاطمة الكشوتي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حول الارتفاع الكبير لتكاليف أداء فريضة الحج، وما يطرحه ذلك من إشكالات شرعية واجتماعية تتعلق بمفهوم “الاستطاعة”.
وأكدت الكشوتي في معرض سؤالها أن فريضة الحج، رغم كونها ركنًا من أركان الإسلام، تبقى مشروطة بالاستطاعة، استنادًا إلى قوله تعالى: “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا”.
غير أن واقع التكاليف المرتفعة التي تتجاوز في معظم الأحيان 63.000 درهم دون احتساب المصاريف الإضافية، يجعل تحقيق هذا الركن بعيد المنال بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين، لاسيما ذوي الدخل المحدود والمتوسط.
وأضافت النائبة أن العديد من الأسر المغربية يضطر أفرادها إلى الادخار لسنوات طويلة، ويضحّون بأولويات معيشية أساسية كالسكن والتعليم والصحة، في سبيل تحقيق هذا الواجب الديني، وهو ما يثير تساؤلات عميقة حول العدالة الاجتماعية والدينية في ولوج فريضة الحج.
وفي هذا السياق، دعت النائبة عن الفريق الحركي الوزارة الوصية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير العملية من أجل ضمان الإنصاف وتيسير الولوج إلى هذه الشعيرة، ومن أبرز هذه المقترحات، مراجعة معايير تحديد تكلفة الحج بشكل شفاف ومنصف وتفعيل آليات الدعم الاجتماعي لفائدة الحجاج ذوي الدخل المحدود.
كما اقترحت تعزيز التوعية الدينية بمفهوم “الاستطاعة”، في أبعاده الواقعية والشرعية، واعتماد برامج مبتكرة كالحج بالتقسيط أو الادخار المؤطر بشروط عادلة، وضمان التوزيع العادل والشفاف لحصص الحجاج المغاربة عبر تنسيق محكم مع الجهات المعنية.
وفي تعليق سابق له على انتقادات غلاء مصاريف الحج، قال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامي، أحمد التوفيق، إن تركيبة سعر أداء مناسك الحج بالمغرب تحكمها الخدمات المقدمة للحجاج وتشمل تذكرة السفر والسكن بمكة المكرمة، والتغذية (وجبتا الفطور والغذاء)، والنقل بين المدن والمشاعر، والخدمات الأساسية والإضافية، ورسوم التأمين والتأشيرة، بالإضافة إلى سعر الصرف المطبق في العملية الخاصة بالحج عن طريق بنك المغرب.
وأوضح التوفيق، أن الزيادات التي تعرفها مصاريف الحج بين كل سنة وأخرى راجعة إلى الخدمات والرسوم، مؤكدا أن اللجنة الملكية للحج هي من توافق على هذه الأسعار بعدما تقدم إليها كل البيانات، لافتا إلى أن كل الأمور المتفاوض فيها مشتركة بين عدة وزارات ولا تخص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فقط.
وشدد الوزير على أن السعر المقدم من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، هو أقل سعر بالمقارنة مع الجهات الخصوصية المتدخلة في هذا القطاع.