إعلان الداخلة يدعو لإنشاء منصة دولية لمكافحة التضليل وتعزيز التعليم الإعلامي

خلص لقاء دولي حول موضوع “التكامل بين صحافة الجودة و التربية على الإعلام”، أقيم بمدينة الداخلة يومي الجمعة والسبت 20 و21 يونيو 2025، بمشاركة صحافيين وباحثين وخبراء من مختلف القارات، إلى تقديم عدد من التوصيات، أبرزها إحداث منصة دولية تجمع المهنيين لمواجهة التضليل الإعلامي، وجعل التربية الإعلامية في صميم السياسات العمومية.
وشهدت الندوة العلمية الدولية، المنظمة من اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، بإلقاء عروض قدمت تحليلا دقيقا وتشخيصا فعليا “لواقع الممارسة الصحافية والتربية على الإعلام، وغاصت بواقعية في الإشكاليات المرتبطة بهذه القضية والنتائج والتداعيات المترتبة عنها “، وفق البيان الختامي لأشغال الندوة، الذي توصلت به جريدة “مدار21”.
واتفق المشاركون بالندوة الدولية، وفق المصدر ذاته، على “أهمية إعمال التربية على الإعلام لمواجهة الأخطار المحدقة بالصحافة والإعلام مما يحتم إدراجها في التعليم و التربية بجميع مسالكها، مع التذكير والتأكيد على إعمال المفهوم الجديد للتربية على الإعلام الذي لم يعد مقتصرا على المعرفة الأكاديمية أو الإعلامية بل أضحى يتجاوز ذلك إلى التمكين من تملك القدرة النقدية للتمييز في محتويات الإنتاجات الإعلامية والرهان الرئيسي نحو استرجاع الثقة بين وسائل الإعلام و الجمهور”.
وأوصى الصحافيون والخبراء الإعلاميون بـ”إحداث تخصصات جامعية في التربية على الإعلام وإنشاء مراكز أبحاث ودراسات خاصة بها في الجامعات لتعميق البحوث ومتابعة التطورات والتحولات، والتعاون مع الهيئات المهنية”، مشددين على أن “هذا يدخل في صميم السياسات العمومية التي ينبغي أن تضعها الحكومات وتوفر لها الموارد اللازمة”.
وشدد اللقاء الدولي على “الاستخدام الذكي والحذر للذكاء الاصطناعي الذي يجب استخدامه وتوظيفه لتحقيق الصحافة الجيدة، وضرورة الانتباه إلى أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على خوارزميات التي وراءها عقل بشري “.
ودعا “إعلان الداخلة” الحكومات والبرلمانات إلى “سن تشريع خاص بشبكات التواصل الاجتماعي يحفظ التوازن بين الحق في حرية الصحافة والإعلام والنشر والتعبير والحق في الحصول على المعلومة واستعمالها وبين حقوق المجتمع”.
وأفاد أن “الإقرار بأهمية اعتماد التربية على الإعلام لتحقيق صحافة جيدة لا يجب أن تعني تنكر الصحافيين لأدوارهم ومسؤولياتهم في وجود مظاهر إنحرافات وانزلاقات وأنهم بذلك يلقون بالمسؤولية على الدولة والجمهور، بل إنها مسؤولية المهنيين أيضا الذين يجب أن يقوموا بوظائفهم باعتماد معايير المهنية من تحقق وتحري والتأكد من المصادر وتجنب التهويل واللهاث وراء الجماهيرية والشعبوية “.

وأورد أن “الصحافيين يظلون دوما في حاجة ماسة وملحة إلى التكوين وإعادة التكوين والتأهيل لتتحقق لهم مسايرة التطورات الحاصلة في قطاع الإعلام”، مشيرا إلى أن “الممارسة الصحافية الجيدة تواجه إشكالية حقيقية في ما يتعلق بالمراجع الأخلاقية والسلوك، لذلك لا بد من التأكيد على أهمية تشريع مواثيق أخلاقية تهم جميع الممارسين”.
وقال الإعلان ذاته إن “الصحافة الجيدة تواجه تحديا حقيقيا يتعلق بعدد من مالكي المؤسسات الإعلامية الذين يعتبرون الاستثمار في الإعلام استثمارا تجاريا محضا يجب أن يدر الأرباح المالية، ويضعون ذلك في مقدمة الأولويات، و هذا ما يفقد وسيلة الإعلام هويتها ويحولها إلى أداة تجارية تحقق الأرباح”، داعيا إلى تدخل “يحفظ حقوق المالكين ولكن يضمن إنتاج خدمة إعلامية عمومية جيدة ومنتجة ونافعة” .
ولفتت إلى أنه “لا بد من إعمال و تعزيز العقل النقدي من طرف المهنيين والجمهور في التعامل مع ما يروج من أخبار و تحاليل وتأويلات”، مشددة على أنه “لا بد من إعطاء الناشئة أهمية استثنائية، بتكثيف إنتاج محتويات إعلامية خاصة بهذه الشريحة العمرية، و أيضا حمايتهم من مختلف أشكال التهديدات المحدقة بالأطفال من خلال تقنين حاسم لمحتويات شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام” .
وأبرز الإعلان ضرورة “تكثيف أشكال ومظاهر التعاون بين التنظيمات الصحافية المهنية وبين المؤسسات الإعلامية في مسعى تحقيق الصحافة الجيدة من خلال تبادل التجارب والمهارات”، مستحضرا “الوعي بأن أحد أهم أدوار الصحافيين يتمثل أساسا في خدمة التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب في مختلف أرجاء العالم، للتصدي لأخطار التمييز بين الأعراق والأديان والتحريض على الكراهية والعنف بين الشعوب وتحقير الكرامة الإنسانية”.

وأقرت التوصيات أنه “يصعب تحقيق هذه الأهداف النبيلة دون توفير الظروف والشروط الملائمة لذلك خصوصا ما يتعلق بوجود شروط سيادة الحرية وحماية الصحافيين من جميع أشكال الضغط والتضييق، لأنه يستحيل على الصحافي أن يقوم بدوره في إطار صحافة جيدة في أجواء الخوف والقلق والهشاشة الاجتماعية”.
هذا واقترحت الندوة “تنظيم ملتقيات دولية لمناقشة التربية على الإعلام وصحافة الجودة، وإحداث منصة للمشاركين لمواصلة الحوار والتنسيق حول القضايا المطروحة وتبادل التجارب خدمة لصحافة الجودة وإعلاء شأن الممارسات الأخلاقية ضد الكذب والتضليل والتشهير”، مؤكدا أن “اللجنة المؤقتة تتبنى هذا المقترح وستعمل على تنزيله على أرض الواقع وتوسيع المشاركة فيه”.
هذا وأكد المشاركون امتنانهم للملك محمد السادس، مقررين “رفع برقية إلى جلالته للتعبير عن اعتزازهم بما يبذله المغرب لصالح السلم والاستقرار وإشاعة ثقافة الحوار والتفاهم بين الشعوب، آملين أن تمثل توصيات هذا اللقاء الدولي محطة أخرى، واستمرارا لنهج جلالته في التجاوب مع طموحات وتطلعات المهنيين في الصحافة والإعلام”.