أربع سنوات من توسيع برامج الحماية الاجتماعية: ما الذي تم إنجازه؟

أربع سنوات من توسيع برامج الحماية الاجتماعية: ما الذي تم إنجازه؟

في أبريل 2021، دخل المغرب منعطفا جديدا في تناول المسألة الاجتماعية بإصدار القانون الإطار 09.21 المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، بعد مرور أربع سنوات على هذا المشروع الطموح، يطرح السؤال عن الحصيلة المحققة، ومدى التمكين الفعلي للمواطنين من حقهم في الحماية الاجتماعية؟

تحاول هذه المقالة تقديم قراءة تحليلية لحصيلة أربع سنوات من تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، بالتركيز على ما تحقق، وما لم يتحقق، والإكراهات الميدانية البنيوية والتنظيمية التي واجهها التنفيذ.

الحصيلة الكمية لورش تعميم الحماية الاجتماعية

يشكل التأمين الاجباري الأساسي عن المرض الخطوة الأولى لورش تعميم الحماية الاجتماعية، حيث تم استهداف تعميم هذا النظام على أزيد من 22 مليون مستفيد إضافي خلال الفترة الزمنية 2021-2022.

وبناء على معطيات مديرية الميزانية، فقد بلغ عدد المستفيدين من هذا النظام بمكوناته الثلاث ما يلي:

بالنسبة لأمو تضامن والذي يهم الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، فقد بلغ عدد المسجلين، بمن فيهم ذوو الحقوق، 11.4 مليون شخص؛بالنسبة لأمو TNS والذي يهم فئات المهنيين والمستقلين فقد بلغ عدد المسجلين 4 مليون بما فيها ذوي الحقوق؛بالنسبة لأمو الشامل والمتعلق بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك والذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور فقد بلغ عدد المسجلين 290.930 بما فيها ذوي الحقوق.

أما بخصوص المكون الثاني للورش والمتمثل في الدعم الاجتماعي المباشر فقد بلغ عدد المستفيدين 3.975.715 أسرة، بميزانية تبلغ 31.6 مليار درهم، ونشير في هذا إلى أن هذا المكون يشمل إعانات الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، ثم الإعانة الجزافية.

جدير بالذكر أن تنزيل مكونات هذا الورش قد رافقه إصدار عدد من النصوص التشريعية والتنظيمية والتي بلغت أزيد من 117 نصا موزعة بين قانون إطار، وقوانين ثم مراسيم وقرارات واتفاقيات.

ورش الحماية الاجتماعية وسؤال التفعيل

لئن كانت المسألة الاجتماعية في شقها المتعلق بالحماية الاجتماعية قد شهدت دينامية كبيرة مع هذا الورش، على الأقل في شقها التشريعي والتنظيمي، فإن قد اصطدمت بإشكالات عملية تعيق التنزيل الأمثل لمضامين القانون الإطار 09.21.

في هذا السياق، يواجه تنزيل التأمين الاجباري عن المرض والذي يهم فئات المهنيين والمستقلين تحديات عملية، حيث لم يتجاوز إلى حدود شتنبر 2024 عدد المسجلين في هذا النظام 56 بالمئة من إجمالي المستهدفين، كما أن نسبة استخلاص الاشتراكات لم تتجاوز بدورها 37 بالمئة، ما يهدد النظام بعجز مالي.

أما بخصوص نظام أمو تضامن فقد سجل عددا مهما من حيث عدد المسجلين والمستفيدين، لكنه يطرح إشكالا عمليا يتمثل في كون 74 بالمئة من النفقات المفوترة تعود للقطاع الخاص، وهو ما يطرح السؤال عن جاهزية المستشفيات العمومية لتقديم الخدمات اللازمة لصالح المؤمنين، فاستمرار هذا الوضع كما هو عليه يهدد الاستدامة المالية لهذا الورش.

أما بخصوص الدعم الاجتماعي المباشر والذي عوض مجموعة من برامج الدعم الاجتماعي (تيسير-مليون محفظة-دعم الأرامل…) وبالرغم من كونه يشمل عددا من الأسر، فإن تنزيله الأمثل يرتبط بتدقيق عملية الاستهداف، وبتقليص أثمنة المواد الأساسية التي أصبحت تشهد ارتفاعا واضحا، حتى يسمح هذا الدعم بتحسين القدرة الشرائية للمستهدفين بما يسمح بدعم الاقتصاد الوطني، مع الإشارة إلى أهمية ادماج هذه الفئات في سوق الشغل لاستبدال الإعانة بالدخل.

وجدير بالذكر بأن باقي مكونات ورش تعميم الحماية الاجتماعية والمتعلقة بتوسيع قاعدة المنخرطين في التقاعد وتعميم التعويض عن فقدان الشغل والمبرمجة خلال السنة الجارية تسجل تأخرا من حيث التفعيل.

كما أن تنزيل هذا الورش رهين بضمان الالتقائية بين مضامين هذا الورش وباقي السياسات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، مع تفعيل المؤسسات المعنية بتنزيله خاصة الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، حيث يلاحظ استمرار تعدد المتدخلين، وهو من بين الإشكالات التي أثرت على فعالية برامج الدعم الاجتماعي بالمغرب، دون نسيان أهمية ضمان الاستدامة المالية لهذا الورش.

أربع سنوات بعد انطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية، تتبين أهمية المكتسبات المسجلة على المستوى التشريعي وعدد المستفيدين، غير أن هذا التقدم الكمي يظل رهينا بتجاوز إشكالات التفعيل الميداني، وضمان نجاعة الاستهداف، واستدامة التمويل، وتهيئة البنيات الصحية والاجتماعية لتقديم خدمات ذات جودة.
إن النجاح الفعلي لهذا الورش الاستراتيجي لا يتوقف فقط على توسيع التغطية، بل يتطلب تمكينا حقيقيا للفئات المستهدفة من حقوقها الاجتماعية، عبر حكامة تنسيقية، وعدالة اجتماعية تترجم روح القانون الإطار إلى واقع ملموس في حياة المواطنين.