صحافيون دوليون يرفضون خداع الجزائر: تندوف سجن والصحراء تعيش حرية الديمقراطية.

أجمع صحافيون أجانب، اليوم الجمعة، بمدينة الداخلة، على رفض الأخبار المضللة التي يتم ترويجها من طرف البوليساريو والجزائر حول الوضع بالأقاليم الجنوبية، منتقدين الأوضاع المزرية بمخيمات تيندوف التي تعد سجنا كبيرا، عكس مدن الصحراء التي تتمتع بقدر كبير من الحرية والأمن.
وأكد الصحافي البيروفي ريكاردو سانشيس سيرا، خلال ندوة دولية حول التكامل بين صحافة الجودة والتربية الإعلامية، أن هذه الأخيرة أن “أداة أساسية لمكافحة التضليل في زمن أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي تُمكِّن الجميع من الوصول إلى المعلومات، لكنها، في الوقت ذاته، فتحت الباب على مصراعيه أمام الكذب المُمنهج”، مفيدا أن “الأخبار الزائفة، والتضليل، والرقابة، تمثل اليوم آفات كبرى تهدد البشرية، إذ تُشوِّه الحقائق، وتُدمِّر السمعة، وتُزعزع استقرار مجتمعات بأكملها”.
واعتبر سيرا أن المغرب يعد “مثالاً جلياً على مدى تأثير التلاعب الإعلامي على الأوطان. فقد شكَّلت المعلومات المضللة حول قضية الصحراء المغربية أداة ممنهجة في يد بعض الأطراف الدولية، التي لا هدف لها سوى زعزعة الاستقرار والنيل من سيادة المملكة”.
وأشار الصحافي البيروفي إلى استخدام جبهة البوليساريو والجزائر “استراتيجيات إعلامية تقوم على تشويه الواقع، ونشر الأكاذيب حول حقوق الإنسان، واختلاق حرب وهمية، والتستُّر على الانتهاكات الفظيعة المرتكبة في مخيمات تندوف”.
وتابع أنه “لا يُمكنه الانخداع بالقصص لأنه زار تندوف بنفسه”، معتبرا أنها “سجن كبير، يخضع لنظام بوليسي استبدادي. لا وجود للحرية هناك، وسكانه يعيشون في ظروف لا إنسانية. ما أبعد الشبه بينها وبين الداخلة، فهنا يتنفس الناس الحرية والديمقراطية الحقيقية”.
وشدد على أن “جبهة البوليساريو والجزائر استغلّتا الإعلام لتزييف الواقع، لا بهدف الإعلام، بل من أجل زرع البلبلة، وبث الشكوك، وممارسة الضغط السياسي على المغرب، وذلك عبر وسائل إعلامية تنسجم مع روايتهما، لترويج الأخبار المفبركة والمضلِّلة..”.
وأشار إلى أن جبهة البوليساريو “ترتبط بعلاقات مع الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، ولها صلات مباشرة مع تنظيم حزب الله الإرهابي التابع لإيران، كما أن الجزائر تستخدمها كدمى تحركها في حرب تخوضها من أجل الوصول إلى المحيط الأطلسي”، مضيفا أن “الجزائر تكذب في حملتها الدعائية المضللة، فقط من أجل البقاء السياسي، ولتثبيت نظامها العسكري، وهو أمر لا يُصدق في القرن الحادي والعشرين”.
وأردف ريكاردو سانشيز أن “الأخبار المضللة لا تنتشر عشوائياً، بل تتبع أنماطاً نفسية واستراتيجيات دقيقة. فالأكاذيب التي تُكرَّر باستمرار تصبح، في نظر العامة، “حقائق”. وقد أثبتت دراسات عديدة أن التكرار الكافي للمعلومات الكاذبة يجعل حتى أولئك الذين أنكروا صحتها في البداية، يبدؤون بالتشكيك في موقفهم”.
وأبرز المتحدث نفسه أن “الأخبار الكاذبة تنتعش في أجواء الغموض وغياب المعلومة الواضحة. ولهذا، يجب مواجهتها بالحقائق المُثبتة والأدلة التي لا تُدحض”، داعيا المغرب إلى الترويج لتقارير المنظمات الدولية، وسجلات المؤسسات الحكومية، والإحصائيات الموثوقة، لكشف الحقيقة أمام الرأي العام.
وواصل أنه “كثيراً ما تعتمد الدعاية الكاذبة على مصادر مجهولة أو منحازة. وأفضل مضاد لذلك هو تسليط الضوء على شهادات واقعية، وتقارير إعلامية من مؤسسات موثوقة توثّق وضعية الصحراء المغربية”، إضافة إلى ضرورة “الرد العلني والسريع: كلما نُشرت معلومة زائفة، ينبغي تفنيدها فوراً بأدلة دامغة. فالصمت لا يؤدي إلا إلى تقوية الكذب”.
الأقاليم الجنوبية.. “استقرار ونهضة عظيمة”
ومن جانبه قال الصحفي الإسباني خافيير فيرنانديز أريباس، في مداخلة خلال الندوة، “مقتنعون أن أحسن طريقة لحل مشكل الصحراء هي المخطط المغربي للحكم الذاتي، باعتباره حلا واقعيا تحت السيادة المغربية، وهي المبادرة التي ينبغي على الجميع أن يدعمها”، محذرا بالمناسبة من انتشار الأخبار التي تنتشر من مصادر مجهولة حول الأقاليم الجنوبية.
ودعا أريباس الصحافيين بمختلف الوسائل الإعلامية للتحقق من الأخبار، موردا أنه “من يأتون إلى هنا (الأقاليم الجنوبية) يقفون على حقيقة التنمية عكس الأخبار التي روجها أعداء الوحدة الترابية وأصحاب الأوهام”، مشددا على ضرورة “استقاء الأخبار من مصادرها”، موضحا “تواجدي في مدينة الداخلة يمكنني من نقل الحقيقة عن الأقاليم الجنوبية لأنني حاضر هنا وأرى ما يوجد”.
وأكد على أن الصحافيين الذين يتهجمون على المغرب بأخبار مضللة لا يعرفون الوضع القائم هنا ولم يسبق لهم أن زاروا المغرب، مشددا على أن الصحافيين عليهم التحقق ونشر الأخبار الحقيقية من مصادرها واستيقاء الآراء من الشارع والمجتمع المدني للإطلاع على الصورة الحقيقية وهذا ما نقصده بالتربية الإعلامية.
وأورد الصحافي الإسباني ضرورة التصدي للأخبار المضللة والابتعاد عن الأخبار غير المصدقة بالمنطق السليم، موردا أن مناطق الأقاليم الجنوبية “مستقرة وتشهد نهضة عظيمة والمغرب في صحرائه، وبعض الصحافيين الذين ينشرون أخبارا مغلوطة هم ليسوا في خدمة المجتمع التي تتطلب بث الحقيقة”.
ودعا الصحفي الإسباني إلى بذل جهود لإنقاذ مبادئ الصحافة التي قامت عليها المجتمعات الديمقراطية، مشددا على أنه “لا يجب الانسياق وراء الجماهيرية ونشر الأخبار بغاية تضليلية”، مبرزا أن هذا الإشكال مرده إلى غياب التربية الإعلامية الموجهة للمهنيين والجمهور والفاعلين”.
واعتبر أريباس أن الإعلام خدمة عمومية يجب أن ترقى للتطلعات والتركيز على الأخبار الحقيقية، مفيدا أن الصحافة لديها الحق في “الرأي والإيديولوجية، لكن ما ليس مقبولا السعي للتأثير على الرأي العام في اتجاه معين والاعتماد على الشعبوية”، منتقدا تلوث المشهد الإعلامي بالأخبار الزائفة.
ودعا إلى ضرورة تقنين وسائل التواصل الاجتماعي لتلعب دورها، محذرا من الاستخدامات غير السليمة للذكاء الاصطناعي، داعيا لتوظيفها كمحركات بحث فقط، مع الاعتماد على الأفكار التي ينتجها البشر”، منبها إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تسمم الأجواء أحيانا عبر الأخبار الزائفة، ويجب الحذر من أن تتحول إلى منصة لنشر الكراهية والتمييز.
مطالب بالتصدي للأخبار المضللة
وبدوره استحضر مامادو نداي، أستاذ علوم الإعلام ومدير مركز الدراسات بدكار، العلاقة بين انتشار الأخبار المضللة وتراجع مستوى التربية الإعلامية، مقيما علاقة بين مستوى تعلم الجمهور وخطر التأثر بهذه الأخبار، فكلما ارتفع الوعي قل هذا التأثير.
ووجه نداي، القادم من دولة السنغال، دعوة للسلطات لوضع تشريعات للتصدي للأخبار الزائفة، مبرزا أن التطورات التكنولوجية لها تأثير دولي، محذرا من خطورة النشر الآني عبر الأنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي دون الالتفات لصحة الأخبار، مشددا على أن “التربية الإعلامية وسيلة لاستعادة الثقة”.
وأورد نداي أنه يجب إقرار طريقة جديدة للحفاظ على مصداقية العمل الإعلامي ضد الأخبار الزائفة، مبزرا أن العلاقة وطيدة بين الإعلام والتربية الإعلامية، مستعرضا بالمناسبة مجموعة من التجارب لتطوير الفكر الناقد والمنطق قبل نشر الأخبار، مبرزا أن غياب الفكر النقدي يساهم في نشر الأخبار المضللة.
وأكد على ضرورة الانخراط في التربية الإعلامية داخل المؤسسات التعليمية، محذرا من تطوير الفيديوهات السريعة والأخبار المضللة عبر الذكاء الاصطناعي”.