عبد النباوي: 60% من جرائم الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة تتم عبر الإنترنت

عبد النباوي: 60% من جرائم الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة تتم عبر الإنترنت

قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، إن معطيات رسمية حديثة تشير إلى أن أكثر من 60% من الجرائم المرتبطة بالاتجار غير المشروع بالبشر والمخدرات والأسلحة تنفذ عبر آليات رقمية أو بدعم من منصات إلكترونية، لافتا إلى أن التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أفادت أن شبكات الجريمة المنظمة باتت أكثر تطورا من حيث البنية والأسلوب، مستفيدة من التكنولوجيات الحديثة، ومن هشاشة بعض السياقات الاقتصادية والاجتماعية.

وأوضح المسؤول، في الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وفي السياق نفسه، أن إفريقيا تظهر كواحدة من أكثر المناطق تضررا، بفعل استهدافها من قبل شبكات دولية عابرة للحدود، تتاجر في البشر، وتنهب الموارد، وتغذي الصراعات، وتستغل ضعف آليات الرقابة في بعض دول الساحل والصحراء.

أما على مستوى البحر الأبيض المتوسط، فأشار الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في كلمته، اليوم الخميس، إلى أن تقارير الوكالة الأوروبية لحماية الحدود (Frontex) تشير إلى ارتفاع بنسبة 50% في عدد محاولات التهريب المنظم للمهاجرين غير النظاميين خلال السنتين الأخيرتين.

وأكد محمد عبد النباوي أن المملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، جعلت من مكافحة الجريمة المنظمة أولوية أمنية وقضائية، حيث تم تبني سياسات تشريعية ومؤسساتية تقوم على الوقاية، والتجريم، والردع، والتعاون الدولي، مؤكدا في الوقت نفسه أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية انخرط بشكل فعال في هذا المسار، من خلال دعم التخصص القضائي، وتطوير التكوين المستمر، وتتبع الملفات ذات الصلة بالجرائم المعقدة، وتعزيز العلاقات مع الشبكات الإفريقية والأوروبية لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.

وأردف بهذا الصدد، “لعل الحرص على تنظيم هذه الندوة بشراكة وتعاون مع وزارة العدل الفرنسية وبحضور وفود من دول إفريقية، إنما هو تأكيد على الإيمان بضرورة التعاون والتنسيق شمال جنوب لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتي لا يمكن لأي دولة أن تواجهها منفردة، وإنما يقتضي ذلك التضامن والتآزر بين الدول لتحقيق هذه الغاية”.

وسجل المتحدث أن جهود الدول لا تتوقف عند وضع القوانين المناسبة التي تواكب تطور آساليب الجريمة المنظمة وحدها، “وإنما يقتضي الأمر كذلك توفير الآليات التقنية والعلمية المناسبة، وتأهيل أجهزة البحث والتحري والموارد البشرية العاملة على إنفاذ القانون، وفي مقدمتها القضاة وضباط الشرطة القضائية، الذين يتعين إخضاعهم للتكوين المستمر للإلمام بالأساليب الإجرامية المستحدثة وتمكينهم من تقنيات مكافحتها”.

كما أن خطورة هذه الجرائم العابرة للحدود تستدعي التعاون الأمني والقضائي عبر وضع شبكات للتنسيق والتواصل بين الدول لتوفير المعلومات المفيدة في الإبان المناسب، وهو ما يدعو إلى التفكير في توفر الدول الإفريقية على مثل هذه الآليات، يؤكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

ودعا المسؤول المغربي لأن تكون الندوة، التي نظمت بالتعاون مع السلطات الفرنسية، وشارك فيها من القضاة والخبراء ورجال القانون وممثلي المؤسسات القضائية والأمنية من بعض الدول الإفريقية وفرنسا، واختير لها عنوان “الجريمة المنظمة، التحديات والمسؤوليات المشترك”، فرصة حقيقية لتبادل التجارب، وتقييم الممارسات، ورسم أفق مشترك لمقاربة قضائية منسجمة، رادعة وفعالة، في مواجهة واحدة من أخطر تهديدات عصرنا.

واعتبر أن اختيار موضوع الجريمة المنظمة، لهذه الندوة، ليس مجرد استجابةٍ آنية لتهديد متصاعد، بل هو تعبير صريح عن وعي جماعي يتنامى في أوساط العدالة بأننا نواجه اليوم ظاهرة تتجاوز الحدود الوطنية، وتقتضي تنسيقا دوليا أمنياً وقضائيا عابرا للقارات.