ورشة عمل تهدف إلى تعزيز الشفافية والمحاسبة في مجال الصحة

أوصى المشاركون في ورشة العمل حول “مخاطر الفساد في قطاع الصحة” التي اختتمت أشغالها أمس الأربعاء بالرباط، إلى تقوية أدوار المواطن والمجتمع المدني في الحكامة الصحية ومراقبة جودة الخدمات وضمان المساءلة في هذا القطاع.
ودعا المشاركون في الورشة التي نظمتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على مدى يومين، بتعزيز الوعي المجتمعي في مجال الصحة من خلال إطلاق حملات وطنية للتوعية بحقوق المرضى، وتعزيز قدرات المجتمع المدني ومواكبته للقيام بدور فاعل في تتبع الأداء الصحي والإبلاغ عن أي اختلالات فيه.
وشددوا على، في الخلاصات التي تلاها الأمين العام لهيئة النزاهة أحمد العمومري في الكلمة الختامية، أهمية مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي للقطاع الصحي، بما يضمن تعزيز الشفافية، وحماية حقوق المرضى، وتحقيق توازن أفضل بين مختلف الفاعلين، مؤكدين أهمية تحسين الشفافية في العمليات الطبية من خلال فرض التصريح الإلكتروني المسبق واللاحق لها، بما يمكن من تعزيز الرقابة وتحسين الممارسات التعاقدية.
وأشارت مخرجات الورشة، أيضا إلى أهمية تنظيم العلاقة بين المصحات وشركات التأمين عبر مراجعة الإطار القانوني الذي يحكمها لضمان وضوح الالتزامات، وعدالة التعويضات، وحماية حقوق المرضى.
ودع ورشة العمل؛ على مستوى القطاع الصحي العام، إلى إطلاق برامج تكوينية لتعزيز ثقافة النزاهة لدى مهنيي الصحة، ودمجها ضمن مسارات التكوين الأساسي والمستمر، ووضع إطار واضح لمسار المريض يشمل جميع مراحل العلاج لضمان الشفافية والعدالة في تقديم الخدمات الصحية.
وفي القطاع الخاص، أوصى المشاركون بضرورة إرساء نظام لتصنيف المصحات الخاصة وفق معايير واضحة للنزاهة وجودة الخدمات، ينشر بشكل دوري لتعزيز المنافسة الشريفة.
وعلى مستوى الأدوية، أكد المشاركون أهمية تطوير منصة رقمية لتتبع مسار الدواء من الإنتاج إلى التوزيع، واعتماد مؤشرات لقياس مخاطر الفساد في الصفقات العمومية المتعلقة بالأدوية، بما يعزز الشفافية والرقابة، مبرزين الحاجة إلى تحديث أدوات الرقابة الرقمية وتعزيز استخدام التكنولوجيا كأدوات داعمة في هذا المجال.
وكان محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، دعا إلى إعادة قراءة الواقع الصحي في البلاد، ورصد ما ترسخ من ممارسات ماسة بشروط النزاهة، وتحديد مواطنها، وما تقتضيه المعايير الدولية من تدخل لتداركها.
وأبرز بنعليلو، أول أمس الثلاثاء بالرباط، في افتتاح ورشة العمل حول “مخاطر الفساد في قطاع الصحة، سلسلة القيمة الخاصة بالمنتجات الطبية والقطاع الطبي الخاص”، أن الحديث عن الفساد في قطاع الصحة “ليس حديثًا عن خلل جزئي أو عن مظاهر معزولة، بل هو نقاش عميق يتعلق بكيفية إدارة حياة الإنسان نفسها، كحق أساسي غير قابل للمساومة، فهو تجمع بين شروط ولادة صحية، وتنشئة سليمة تراعي حاجة الانسان للدواء والرعاية الطبية، وحقه في العلاج بكرامة”.
وأشار إلى أن الدراسة المسحية التي قامت بها الهيئة “أظهرت بوضوح أن الصحة تمثل مطلبا وانشغالا رئيسيين لنسبة معتبرة من المواطنين، وأن هذه المطالب تصطدم في كثير من الأحيان بعوائق الرشوة، وضعف الجودة، وتداخل المصالح، والتمييز الخفي في الولوج للعلاج”.
وذكّر بأن الفساد الصحي “ليس دائما نتيجة فردية لسوء السلوك، بل هو أيضا انعكاس لما تسميه منظمة الصحة العالمية هشاشة النظم، بتجلياتها المعروفة المتمثلة في ضعف الحوكمة، وغياب الشفافية في تدبير المشتريات، وضعف آليات المراقبة، وأحيانا تضارب المصالح في التنظيم الصحي”.