“مجلس أعمارة” يطالب بإدراج العمل عن بُعد والجزئي في قانون العمل

“مجلس أعمارة” يطالب بإدراج العمل عن بُعد والجزئي في قانون العمل

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ضرورة الاعتراف بالأشكال اللانمطية للتشغيل من خلال إدراج أحكام صريحة وواضحة في مدونة الشغل تخص العمل لبعض الوقت، بما يحدد حقوق ومسؤوليات المشغل والعامل، مع التنصيص على كيفية الانتقال بين العمل الكامل والعمل الجزئي بإرادة الطرفين.

كما دعا المجلس إلى تحيين المقتضيات القانونية المتعلقة بالعمل خارج مقرات المقاولة، وخاصة المادة 8 من مدونة الشغل، لتشمل الأجراء الذين يشتغلون عن بُعد باستعمال أدوات وتكنولوجيات الاتصال الحديثة، إلى جانب اعتماد تعريف قانوني دقيق للعلاقة الشغلية في إطار المنصات الرقمية، وتحديد أشكال التعاقد الممكنة بوضوح، سواء تعلق الأمر بأجير، أو عامل مستقل، أو مقاولة من الباطن، وذلك حسب طبيعة كل نشاط، بهدف ضمان الحماية القانونية للعاملين في هذا القطاع سريع التطور.

وأكد المجلس، اليوم الأربعاء، على ضرورة ضمان معايير العمل اللائق ضمن الأشكال اللانمطية للتشغيل، من خلال مراجعة شروط الولوج إلى الحماية الاجتماعية بما يتناسب مع خصوصية هذه الأنماط الشغلية، وتوفير شروط الصحة والسلامة المهنية، عبر إدراج الحوادث والأمراض المستجدة المرتبطة بهذه الأشكال.

كما شدد على تمكين العاملات والعاملين في التشغيل اللانمطي من حقهم في التكوين المستمر، سواء كانوا أجراء في القطاع الخاص أو مستقلين، وذلك في إطار الإطار القانوني الجاري به العمل، ولا سيما آلية العقود الخاصة بالتكوين لفائدة المقاولات.

ودعا في السياق ذاته إلى إدراج التشغيل اللانمطي وتحولات سوق الشغل ضمن مواضيع الحوار الاجتماعي على المستويين الوطني والقطاعي، بغرض بلورة سياسات عمومية تشاركية تقرب الرؤى بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.

وفي ما يخص الحقوق النقابية، طالب المجلس بتمكين العاملين في التشغيل اللانمطي من الحق في المفاوضة الجماعية، عبر تنظيمهم المهني والنقابي، وإبرام اتفاقيات شغل جماعية تضمن مصالحهم. كما أوصى بإحداث آليات للرصد واليقظة وإنجاز دراسات استشرافية بشكل منتظم لمواكبة التحولات الطارئة في سوق الشغل، وتوجيه السياسات العمومية، عبر تعزيز قدرات المرصد الوطني لسوق الشغل، مع إشراك المؤسسات الإحصائية والبحثية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.

وفي هذا السياق، أبرز عبد القادر أعمارة، رئيس المجلس، في كلمة بمماسبة تقديم رأي أعده حول موضوع: “الأشكال اللانمطية للتشغيل والعلاقات المهنية: تحديات جديدة وفرص ناشئة”، أن سوق الشغل يشهد تطورات متسارعة، تتجلى في بروز أشكال جديدة للتشغيل لا تقوم على نفس علاقات الشغل القار والمأجور، مؤكداً أن هذه الأشكال الجديدة رغم ما توفره من فرص، تطرح تحديات حقيقية على مستوى التأطير القانوني والحماية الاجتماعية وحقوق العاملين.

وأوضح أعمارة أن تهيئة بيئة مرنة قادرة على احتضان التشغيل اللانمطي، يتطلب تحقيق توازن بين تنافسية المقاولة وحاجيات السوق، وبين معايير العمل اللائق، مثل العدالة الأجرية والحماية الاجتماعية وشروط الصحة والسلامة المهنية وحرية التنظيم النقابي والحق في المفاوضة الجماعية، وغيرها من الحقوق الدستورية والتشريعية.

من جانبه، أكد محمد موستغفر، عضو المجلس ومقرر الموضوع، أن بروز هذه الأشكال الجديدة يشكل فرصة حقيقية لجذب الاستثمارات، وخلق فرص شغل جديدة للشباب والنساء، وتعزيز أداء المقاولات الوطنية، في بيئة مهنية أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع متغيرات العصر.