تقرير: النساء المغربيات تشارك بشكل أكبر في المجالات السياسية مقارنة بالاقتصاد والتعليم

تقرير: النساء المغربيات تشارك بشكل أكبر في المجالات السياسية مقارنة بالاقتصاد والتعليم

لم يسجّل المغرب أي تقدم يُذكر في تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي الخاص بالفجوة بين الجنسين لسنة 2025، إذ حافظ على المركز 137 من أصل 148 دولة شملها التقرير، وهو نفس الترتيب الذي أحرزه في النسخة السابقة لسنة 2024، بينما كان قد جاء في المركز 136 في تقرير عام 2023، مما يعكس نوعًا من الجمود في الأداء الوطني فيما يخص تقليص الفوارق بين النساء والرجال.

ويستند “التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين”، الصادر بشكل سنوي منذ 2006، إلى أربعة مؤشرات رئيسية لتقييم أداء الدول في هذا المجال: المشاركة الاقتصادية والفرص، والتحصيل العلمي، والتمكين السياسي، إضافة إلى الصحة والبقاء على قيد الحياة. وتعتمد المنهجية المتبعة في هذا التصنيف على قياس درجة المساواة وليس على مستوى التنمية أو الثروة الوطنية، ما يجعله مؤشرًا دقيقًا لقياس السياسات والنتائج الفعلية في مجال العدالة بين الجنسين.

وفي ما يخص تفصيل المؤشرات الأربعة التي تمثل العمود الفقري للتقرير، جاء المغرب في مرتبة متأخرة جدًا على مستوى المشاركة الاقتصادية والفرص، حيث احتل المركز 143 من أصل 148، وهو ما يعكس محدودية انخراط النساء في سوق الشغل، وضعف وصولهن إلى الوظائف العليا، والمهن التي تتطلب مهارات عالية.

أما على صعيد التحصيل العلمي، فقد سجل المغرب مرتبة أفضل نسبيًا بحلوله في المركز 114، مما يشير إلى تحسن طفيف في نسب تمدرس الفتيات والحصول على مستويات تعليمية أعلى، مع بقاء الفجوة قائمة في بعض المستويات والجهات.

وبخصوص التمكين السياسي، فقد احتل المغرب المرتبة 91، وهو مؤشر يعتبر نسبيًا إيجابيًا مقارنة بباقي المؤشرات، ويُعزى ذلك إلى التحسن النسبي في تمثيلية النساء داخل المؤسسات المنتخبة، سواء في البرلمان أو بعض مناصب المسؤولية الحكومية، نتيجة اعتماد آليات مثل الكوطا، رغم استمرار التفاوت الكبير في المناصب العليا للقرار السياسي.

أما في المؤشر الرابع المتعلق بالصحة والبقاء على قيد الحياة، فقد جاء المغرب في المرتبة 136، ما يعكس استمرار التحديات المرتبطة بالصحة الإنجابية، وارتفاع معدلات وفيات الأمهات، والفجوات في متوسط العمر المتوقع بين الجنسين.

وعلى المستوى الإقليمي، جاء المغرب في المرتبة الثانية مغاربيًا، بعد تونس التي احتلت المركز 123 عالميًا، بينما تأخرت الجزائر إلى المرتبة 141، ولم يشمل التصنيف بلدين مغاربيين هما موريتانيا وليبيا، إما بسبب غياب البيانات أو محدودية المؤشرات المتوفرة.

وعربيا، جاء المغرب في المرتبة العاشرة، بعد دول منها الإمارات التي تصدرت الترتيب العربي (69)، تليها البحرين (104)، ثم الأردن (122)، وتونس (123)، والكويت (128)، وجزر القمر (115)، والسعودية (132)، وسلطنة عمان (143)، ولبنان (136). وهو ترتيب يعكس موقعًا متوسطًا ضمن المنطقة، مع وجود دول حققت نسبًا أعلى في المؤشرات الاقتصادية والسياسية والتعليمية.

وبالنسبة للترتيب الإفريقي، جاءت المملكة في المرتبة 27 على مستوى القارة السمراء، في حين تصدرت ناميبيا القائمة الإفريقية باحتلالها المرتبة السابعة عالميًا، متبوعة بالرأس الأخضر في المركز 30، ثم جنوب إفريقيا في المركز 33، ما يوضح أن بعض الدول الإفريقية نجحت في تجاوز الدول العربية والمغاربية في مؤشرات المساواة بين الجنسين، بفضل سياسات عمومية أكثر جرأة وفعالية.

عالميًا، واصلت أيسلندا احتلال الصدارة بوصفها البلد الأكثر مساواة بين الجنسين، في حين جاءت فنلندا في المركز الثاني، تليها النرويج في المرتبة الثالثة. أما المملكة المتحدة فاحتلت المركز الرابع، تلتها نيوزيلندا، ثم السويد في المرتبة السادسة. وتعود ريادة هذه الدول إلى بنى مؤسساتية متقدمة، وتشريعات صارمة في محاربة التمييز، بالإضافة إلى حضور قوي للنساء في جميع القطاعات، بما فيها مراكز القرار.

وفي الجانب الآخر من التصنيف، شغلت باكستان المرتبة الأخيرة (148)، بعد كل من السودان في المركز 147، وتشاد في المركز 146، وإيران التي حلت في المرتبة 145، وهو ما يعكس وضعًا مأزومًا تعاني منه هذه الدول من حيث الحريات العامة والتمثيلية السياسية للنساء والولوج العادل إلى التعليم وسوق الشغل.

وأكد التقرير أن التقدم نحو تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين لا يسير بنفس الوتيرة في جميع أنحاء العالم. فقد تصدرت كل من أمريكا الشمالية وأوروبا وأمريكا اللاتينية والكاريبي التصنيف الإقليمي، بعد أن أغلقت هذه المناطق حوالي ثلاثة أرباع الفجوة بين الجنسين، بنسبة 75.8% و75.1% و74.5% على التوالي. وتقترب آسيا الوسطى (69.8%) وشرق آسيا والمحيط الهادئ (69.4%) وإفريقيا جنوب الصحراء (68.0%) من بلوغ عتبة 70%.

أما منطقتا جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا فحلّتا في ذيل التصنيف الإقليمي، بنسبة 64.6% و61.7% على التوالي، وهو ما يعني أنه لم يتم بعد سدّ سوى نحو ثلثي الفجوة بين الجنسين في هاتين المنطقتين، بالرغم من المبادرات القانونية والمؤسساتية التي أُطلقت في بعض الدول خلال السنوات الأخيرة.

ويخلص التقرير إلى أن تحقيق المساواة بين الجنسين يتطلب أكثر من مجرد سياسات ظرفية أو قرارات ظرفية، بل يحتاج إلى رؤية شاملة، والتزام دائم بإعادة هيكلة الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل يضمن العدالة والتكافؤ لجميع المواطنين، بغض النظر عن النوع.