تقرير يعبّر عن انتقادات لأسلوب المغرب الغامض في إعادة المجندين إلى مناطق الإرهاب.

تقرير يعبّر عن انتقادات لأسلوب المغرب الغامض في إعادة المجندين إلى مناطق الإرهاب.

وقف تقرير حديث لمنظمة النورديك لتحويل النزاعات (NCCT) على التحديات التي تواجه المقاربة المغربية في إعادة المواطنين المغاربة، الذين استدرجتهم بؤر الإرهاب عبر العالم، إلى أرض الوطن، معتبراً أنها “مقاربة لاتزال غامضة وفي حاجة إلى توضيح أكثر”.

واعتبر التقرير المعنون بـ”الراشدون المرتبطون بالإرهاب: من الاتهام إلى المساءلة”، الذي تم تقديمه اليوم الثلاثاء، أنه “رغم تحقيق المغرب لتقدمٍ ملموسٍ في تعزيز إطاره القانوني وتطوير برامج للمتابعة القضائية، وإعادة التأهيل، والإدماج للأشخاص المتورطين في قضايا الإرهاب، إلا أن هناك مجالاً مهمًا لا يزال بحاجة إلى توضيح، وهو مقاربة المغرب بشأن إعادة المواطنين من الخارج”.

وسجلت مضامين التقرير، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه “إلى حدود الساعة، لا توجد سياسة واضحة أو معلنة بخصوص عودة المواطنين المغاربة — خصوصًا النساء والأطفال — الموجودين في مناطق النزاع مثل سوريا والعراق”، مبرزةً أن “هذا الغموض يعد عقبة أمام ضمان استراتيجية إدماج شاملة ومندمجة”.

وأوردت الوثيقة ذاتها أن “إرساء نهج أكثر شفافية وهيكلة لإعادة المغاربة يمكن أن يُعزز جهود المغرب الأشمل في دعم الاستقرار طويل الأمد، وتقليص مخاطر إعادة التطرف، ومساعدة المتضررين — وخاصة الفئات الأكثر هشاشة — على بناء حياة آمنة وكريمة”.

وبخصوص المقاربة الأمنية أو القضائية في التعامل مع المتورطين في الإرهاب، لفت المصدر ذاته إلى أن “محاكمة هؤلاء الأفراد ليست هي النهاية”، مشددةً على أن “عودتهم إلى الواقع بعد إتمام مدة العقوبة المحكومين بها تطرح تحديات كبيرة تتعلق بإمكانية العودة إلى النشاط الإرهابي”.

وعلى هذا الأساس، أوضح معدو تقرير منظمة “النورديك” أنه “ينبغي أن يكون من أولويات المغرب إنشاء برامج تهدف إلى إعادة تشكيل حياة العائدين والأشخاص الذين كانت لهم صلة سابقة بالإرهاب، وضمان إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي”.

وتابع التقرير أنه يجب ضمان الاستقرار الاقتصادي والنفسي، سواء داخل السجن أو خارجه، مشيراً في هذا الصدد إلى أن “مسألة إعادة التأهيل وإعادة الإدماج لهؤلاء الأفراد أثارت جدلاً واسعاً، بسبب نقص الموارد ووجود عدد محدود فقط من المراكز التي تتعامل مع هذه القضية وهذه الفئة”.

وأحالت خلاصات التقرير على برنامج “المصالحة” (Moussalaha)، الذي يهدف إلى مصالحة الأفراد المتابعين في قضايا الإرهاب مع ذواتهم، ومع النص الديني، ومع المجتمع، مشيدةً بـ”القيم الأساسية التي يقوم عليها هذا البرنامج وعلى رأسها تعزيز المواطنة، والتسامح، والاعتدال، والإنسانية”.

وبلغة الأرقام، أورد المصدر ذاته أنه “منذ انطلاقه سنة 2017 إلى حدود 2025، اشتغل البرنامج مع 322 شخصاً سابقاً كانت لهم صلات مختلفة بالإرهاب، وقد تم الإفراج عن 235 منهم، منهم 66.76 في المئة استفادوا من عفو ملكي”، مشيراً إلى أنه “مع ذلك فقد تعرض البرنامج لمجموعة من الملاحظات والانتقادات، أبرزها غياب الوضوح، خاصة فيما يتعلق بآليات الانتقاء، وضعف الولوج، والفجوة المحتملة بين الجنسين، إذ لم تشارك سوى 12 امرأة فقط في البرنامج حتى الآن”.

ومع ذلك، يستدرك أصحاب التقرير أن برنامج “المصالحة” يبقى من بين البرامج القليلة في المغرب التي تعتمد على مقاربة عملية ومباشرة مع الأفراد المدانين في قضايا مرتبطة بالإرهاب، مؤكدين أنه “بما أن البرنامج يركّز على المصالحة، فيمكن اعتباره مساهماً في إعادة الإدماج الاجتماعي لهؤلاء الأفراد، أكثر من كونه إعادة إدماج طويلة الأمد للمقاتلين السابقين أو المتورطين سابقاً في الإرهاب”.