حديث دبلوماسي يمكن إعادة صياغته إلى “محادثة دبلوماسية”.

حديث دبلوماسي يمكن إعادة صياغته إلى “محادثة دبلوماسية”.

فتح دبلوماسي مبين، حققته الدبلوماسية المغربية، بعد التحاق دولة دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، بركب الدول الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه، بحجم بريطانيا، بثقلها التاريخي كقوة استعمارية سابقة، ووزنها الاقتصادي والجيواستراتيجي، في وقت بات فيه، جدار أطروحة الانفصال يتآكل في صمت داخل إفريقيا، بعد ميلان محور الكثير من الدول الإفريقية نحو مغربية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب قبل سنوات، لحل النزاع المفتعل حول الصحراء، كان آخرها كينيا التي اختارت الدخول إلى بيت الطاعة المغربي، بعد اعتراف دام لسنوات بالكيان الوهمي، دون إغفال الموقف الداعم لمغربية الصحراء، الذي عبر عنه حزب مهم داخل جنوب إفريقيا، مما يؤشر على متغيرات مرتقبة، قد تقلب الموقف الجنوب إفريقي بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، رأسا على عقب، في سياق عام إفريقي، باتت تراهن فيه إفريقيا والأفارقة، على رهانات الوحدة والأمن والاستقرار والتنمية والرفاه، ورفع التحديات الأمنية المشتركة، بمعزل عن نعرات الانفصال والانقلاب والتفرقة والتخريب، التي جعلت القارة، رهينة بين أقدام اللاعبين الكبار؛

بعد الاعتراف الأمريكي والفرنسي والبريطاني، توجه البوصلة كاملة، نحو العملاق الصيني، الذي ينتظر منه المغرب، موقفا واضحا وصريحا بخصوص مغربية الصحراء، يليق بالموقف الأمريكي التاريخي الذي عبر عنه ترامب خلال ولايته الأولى، وبدون شك، هناك مؤشرات كثيرة تجعل الاعتراف الصيني بمغربية الصحراء، أمرا وشيكا أكثر من أي وقت مضى، منها جودة ومتانة العلاقات الثنائية بين الرباط وبكين، المبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل للوحدة الترابية، والتي شكلت وتشكل إطار محفزا للصين، للانخراط في مشاريع اقتصادية وازنة بالمغرب، لما يتملكه من أمن واستقرار وبنيات تحتية رائدة إفريقيا، ومن موقع جيواستراتيجي، داعم لما تتطلع إليه من أهداف اقتصادية ومقاصد استراتيجية، إضافة إلى عدم تورطها في أي دعم أو اعتراف بالكيان الانفصالي الوهمي الذي يرعاه ويحتضنه نظام الشر بالجزائر، دون إغفال حدث توقف الرئيس الصيني بالمغرب قبل أشهر، واستقباله من طرف ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في دلالة واضحة على قوة ومتانة العلاقات المغربية الصينية، وعمقها الاستراتيجي؛

وعليه، وفي ضوء هذه المؤشرات وغيرها، واعتبارا للمواقف الدولية الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه، التي تعززت باعتراف ثلاثة أعضاء دائمي العضوية بمجلس الأمن الدولي، وبناء على اتجاه المنتظم الدولي نحو طي نهائي لملف الصحراء، في سياق جيوسياسي دولي مطبوع بالقلق والتوتر والنزاع، واستحضارا للشراكة الاستراتيجية غير المسبوقة التي باتت تربط المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، لم يعد من خيار أمام الصين، سوى الرد على الموقف الأمريكي الترامبي، باستعجال الإعلان عن موقف صيني داعم لسيادة المغرب على صحرائه، والانخراط في دينامية دبلوماسية القنصليات، وهذا الموقف الوشيك، بدأت تبرز إرهاصاته الأولى، إذا ما تم استحضار، التدوينة التي نشرتها السفــارة الصينية بالمغرب قبل أيام، والتي أشارت إلى الهوية المغربية “غير القابلة للتجزيء”، التي تشكلت من خلال التقارب بين مكوناتها العربية والإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، إضافة إلى روافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، وهي دلالات سياسية عميقة، على اعتراف بكين بوحدة المغرب وسلامة أراضيه؛

وفي المجمل، فقد بات الموقف الصيني مسألة وقت ليس إلا، والإعــلان عنه، سيكون “زلزالا صينيا عظيما”، بقدر ما سيدمر العالم الآخر، وينسف ما تبقى من هلوساته وأحلامه، بقدر ما سيعجل بطي ملف الصحراء بشكل نهائي، ويسرع بطرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي، أما “روسيا” العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي، فلم يعد أمامها أي فرصة للمراوغة أو المناورة، إذا ما انتصرت الصين لمغربية الصحراء، وقررت الانخراط في دينامية القنصليات، ولا يمكن لموسكو البتة، أن تغامر بعلاقاتها مع شريك موثوق به بحجم ووزن المغرب، الذي جعل من الصحراء “النظارة التي ينظر بها إلى العالم، والمعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”؛

ومهما قيل أو ما يمكن أن يقال، فالمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، والرهان اليوم، هو مد جسور الشراكة والصداقة والتعاون والعيش المشترك، مع الأشقاء والأصدقاء، ما يخدم المصالح الحيوية للمملكة، ويدعم المبادرات والمشاريع الاستراتيجية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، وفي طليعتها مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، ومبادرة تمكين بلدان الساحل من منفد على المحيط الأطلسي، ومبادرة إفريقيا الأطلسية، وكلها مشاريع ومبادرات، داعمة لما تتطلع إليه إفريقيا والأفارقة، من وحدة وأمن واستقرار وتعاون وبناء وازدهار ورفاه، في وقت لازال يراهن فيه “العالم على الآخر” على هلوسات الانفصال وأوهام التفرقة والتشرذم، والاستثمار الجبان في مشاريع العداء والكراهية والتخريب