كريشان يكتب: هل أحدثت كاليفورنيا تحولاً في وجه أمريكا؟ – بقلم السفير د. علي محمد كريشان

وسط سحب الغاز المسيل للدموع ورائحة الإطارات المحترقة، يقف جنود الحرس الوطني ومشاة البحرية (المارينز) على تقاطعات طرق لوس أنجلوس تنفيذا لامر اصدره البيت الأبيض.المشهدٌ الحالي يعيد أمريكا إلى ذاكرة 1992 أبان ادارة الرئيس الأسبق جورج بوش الاب ، الذي قام بنشر جنوده بناء على طلب حاكم الولاية ( تم نشر قوات الجيش الأمريكي في كاليفورنيا 1992 بناءً على طلب من حاكم الولاية في ذلك الوقت، بيري كوني. كان الهدف من هذا النشر هو مساعدة السلطات المحلية في التعامل مع موجة عنف واسعة النطاق في لوس أنجلوس) لكن هذه المرة فان الحرس الوطني وقوات مشاة البحرية ( المارينز) انتشروا في الطرقات دون موافقة حاكم الولاية، غافين نيوسوم كحادثة هي الاولى من نوعها منذ 1965.انطلقت شرارة احداث كاليفورنيا بتاريخ 6 حزيران اثر قيام وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) باعتقال الزعيم النقابي ديفيد هويرتا بتهمة عرقلة عمل موظف فيدرالي وذلك ضمن حملة مداهمات استهدفت 10 أحياء في لوس أنجلوس، اعتقل خلالها 118 شخصاً بمن فيهم الزعيم النقابي هوبرتا . ومما زاد الامور تعقيدا ان عمليات المداهمة والاعتقال هذه قد نفذت بدون تنسيق مع السلطات المحلية لولاية كاليفورنيا و شرطة الولاية، الأمر الذي اعتبر مخالفةً صريحة لقانون “كاليفورنيا الملاذ” (SB 54) الذي يحظر التعاون مع السلطات الفيدرالية في قضايا الهجرة .التصعيد غير المسبوق المتمثل بالتهديد بالاعتقال ونشر المارينز وإغلاق الطرق السريعة مثل الطريق 101 ، تبعه تهديد الرئيس ترامب باعتقال حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم .ففي الوقت الذي وصف فيه الرئيس ترامب هذه الاحتجاجات بانها “تمرد”، رد حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم بأن تصريحات ترامب هذه نابعة من خيال مضطرب لرئيس ديكتاتوري .تطورت الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة، شملت استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وأدت إلى إغلاق طرق رئيسية كما تم تخريب ممتلكات عامة وخاصة، بما في ذلك حرق سيارات ذاتية القيادة.في حال استمرت هذه الأحداث في التصعيد، فقد تواجه الولايات المتحدة مزيدًا من الانقسام السياسي، وتحديات قانونية بين الحكومة الفيدرالية وحكومة الولاية، بالإضافة التحديات الاقتصادية الناجمة عن الخسائر اليومية يومية التي تقدر بـ 150 مليون دولار بسبب شلل سلاسل الإمداد، وكذلك انهيار قطاعي الخدمات والبناء ، التي يشكل المهاجرون 34% من عمالتهما . هذا بالإضافة إلى تأثيرات محتملة على الانتخابات المقبلة .اخيرا يبقى السؤال الذي تطرحه احداث كاليفورنيا بقوة هل الولايات المتحدة اتحاد فيدرالي طوعي ؟ أم إمبراطورية مركزية؟ الإجابة سنعرفها في مقبلات الايام و من خلال قرار المحكمة العليا الأمريكية .