أبو زيد يكتب: يونيو الخير.. علامات فخر وعزة على جبين الوطن ـ بقلم: العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد

أبو زيد يكتب: يونيو الخير.. علامات فخر وعزة على جبين الوطن ـ بقلم: العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد


الثورة العربية الكبرى، ويوم الجيش، وجلوس جلالة الملك على العرش… محطات تاريخية خالدة في تاريخ الأردن، وعناوين لأحداث مهمة في حياة الأردنيين. حزيران في الأردن، شهرٌ تفوح منه نسمات العزِّ والفخار، لتحكي قصة وجود الأردن والقيادة الهاشمية الحكيمة، والجيش العربي الباسل الذي تشكّلت نواته من جيش الثورة العربية الكبرى.نستذكر، ويستذكر العرب والأردنيون على وجه الخصوص، في حزيران من كل عام، هذه المحطات القومية الخالدة، فتعود بنا الأيام إلى تاريخٍ مجيد، ومراحل مفصلية في مسيرة الوطن: ثورة العرب الكبرى، ويوم الجيش، وجلوس جلالة الملك على العرش.وما أجمله من طالعٍ طيبٍ أن يتزامن الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية هذا العام مع صعود المنتخب الوطني الأردني لتصفيات بطولة كأس العالم، ليرتفع اسم الأردن عاليًا كأول دولة عربية تصل إلى هذه المرحلة.إنها مناسبات وطنية وقومية مجيدة، تشكّل معًا سيمفونية ثلاثية ذات أبعاد تاريخية وقومية ودينية عميقة.أيامٌ خوالد يُحتفى بها ويحتفي بها الوطن، لما تحقق على هذه الأرض المباركة، أرض الحشد والرباط، بوابة الفتح الإسلامي، والتي شكّلت بمجملها تاريخ الأردن القديم والوسيط والحديث. من الثورة… إلى الدولة الجيش العربي الأردني الباسل، هو الامتداد الطبيعي لجيش الثورة العربية الكبرى، التي أطلق رصاصتها الشريف الحسين بن علي، في العاشر من حزيران عام 1916، وقاد جيوشها أبناؤه البررة: الأمراء عبد الله، وفيصل، وعلي، وزيد.فكان الأردن والجيش العربي من ثمار هذه الثورة… ذلك الجيش الذي سطّر بطولات مفصلية في مرحلة مهمة من التاريخ العربي والأردني.قاد الأمراء الهاشميون بأنفسهم الجيوش العربية المنطلقة من الحجاز، بعد الخلاص من الحكم التركي الذي دام أربعة قرون، متجهين نحو بلاد الشام، بعد أن التف حولهم كل الأحرار العرب.وكان من بين هذه الجيوش الجيش الشرقي الذي قاده الأمير عبد الله بن الحسين، متوجهًا به صوب الشام في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، لتحرير سوريا من الاستعمار الفرنسي.وصل الأمير عبد الله مشارف مدينة معان عام 1920، وهناك التحق به أحرار العرب من أبناء العشائر الأردنية الذين لبّوا نداء الشريف الحسين بن علي، وتجمّعوا حول الجيش القادم إلى شرق الأردن، الجزء العزيز من بلاد الشام.بعد انتهاء عمليات الثورة العربية الكبرى في مكة والمدينة، كانت الحاجة إلى إيجاد موطئ قدم في شرق الأردن، لمواصلة المهمة الكبرى: تحرير سوريا وما تبقى من أراضٍ عربية.ومن هنا، انطلقت البدايات: فقد أسس الأمير عبد الله إمارة شرق الأردن عام 1921، والتي أصبحت إمارة مستقلة في 25 أيار 1923، وكانت النواة الأولى لتأسيس الجيش العربي الأردني من بقايا قوات الثورة العربية الكبرى، وسُمِّي “الجيش العربي” ليبقى جيشًا لكل العرب، متمسكًا برسالة الثورة ومبادئها. جيشٌ من العروبة… إلى الدولة الحديثة تطور الجيش العربي الأردني في العدد والعتاد والتدريب، حتى أصبح قوةً تحمي الإمارة الفتيّة.عمل الأمير عبد الله على تقويته حتى تحوّلت الإمارة إلى دولة مستقلة عام 1946، وأصبح المملكة الأردنية الهاشمية، وتوّج عبد الله بن الحسين كأول ملوكها.وفي عهده، خاض الجيش العربي أولى معاركه عام 1948 دفاعًا عن فلسطين، في القدس واللطرون وباب الواد والشيخ جراح، حتى استشهد الملك المؤسس على عتبات المسجد الأقصى في 20 تموز 1951.تسلّم الملك طلال بن عبد الله الحكم لفترة قصيرة، استطاع خلالها إحداث إنجازات كبيرة؛ أهمها تحديث الدستور الأردني ومجانية التعليم الإلزامي، إلى أن تنحّى عن الحكم لأسباب صحية.ثم بدأت المملكة الثالثة بقيادة المغفور له الملك الحسين بن طلال – طيّب الله ثراه – من عام 1952 حتى 1999، حيث حكم أولًا بمجلس وصاية لصغر سنه، ثم جلس على العرش رسميًا في 2 أيار 1953، ليبدأ مسيرة بناء امتدت نحو نصف قرن، تحقق فيها الكثير. من أبرز إنجازاته: • تعريب قيادة الجيش عام 1956، خطوة الاستقلال الحقيقية بعد إنهاء الانتداب البريطاني.• خاض الجيش الأردني في عهده ثلاث حروب كبرى: 1967، 1968 (معركة الكرامة)، و1973.الملك عبدالله الثاني… قيادة في زمن التحدياتفي السابع من شباط 1999، تسلّم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية، واحتُفل بجلوسه على العرش في التاسع من حزيران 1999، لتبدأ المملكة الرابعة بقيادته الحكيمة.في ذكرى جلوسه التي نحتفل بها سنويًا، ويتزامن معها يوم الجيش والثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران، نستذكر ما تحقق في عهده من إنجازات رغم التحديات.منذ اليوم الأول، أولى جلالته جلّ اهتمامه بـ تطوير القوات المسلحة وتحديثها، فبات الجيش اليوم نموذجًا يُحتذى في الانضباط والكفاءة.لم يكن دور الجيش مقتصرًا على الدفاع، بل ساهم في التنمية:• تأسيس شركات ومصانع.• إنشاء السدود، حفر الآبار، تجهيز المطارات.• إدارة الأزمات، وفتح الأسواق العسكرية للطبقات الفقيرة.الجيش الأردني… جيش الإنسانية والسلامالجيش العربي، بسلاحه وسلامه، لعب دورًا محوريًا خارج حدود الوطن في حفظ الأمن والاستقرار.وتجلّى دوره المشرف في العدوان الإسرائيلي على غزة، إذ نفذ سلاح الجو والهيئة الخيرية الهاشمية عشرات عمليات الإنزال للمساعدات الإنسانية، وأقيمت المستشفيات العسكرية، وتم علاج آلاف الجرحى، خاصة أطفال السرطان.وتجلّى موقف جلالة الملك عبدالله الثاني في:• رفض التهجير.• رفض الاستيطان.• التأكيد أن القدس خط أحمر، وستبقى تحت الوصاية الهاشمية.الأردن سيبقى شامخًاأُنشئت المدن الصناعية في مختلف أرجاء الوطن، لتوفير فرص العمل والتخفيف من البطالة، في بيئة استثمارية واعدة.هذا هو الأردن…وهذا هو جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين…وهذا هو جيش النشامى، جيش العرب الأول، الساهر على حدود الوطن، الحامي لسيادته، والدرع المتين في وجه كل معتدٍ.في الختام…ستبقى الثورة العربية الكبرى، ويوم الجيش، وعيد الجلوس الملكي، ثلاثية حزيران المجيدة، التي نرفع بها الرؤوس عاليًا، فخرًا واعتزازًا، ولتبقى شامات عزٍّ وفخارٍ في جبين الوطن.وكل عام، والوطن، وقائد الوطن، وجيشه الباسل بألف خير، تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة، حفظ الله الأردن وأهله.