السفير كريشان يكتب: الانفجار العظيم.. صراع العمالقة يخلق حزباً قد يؤثر على الساحة السياسية الأمريكية ـ بقلم: السفير د. علي محمد كريشان

السفير كريشان يكتب: الانفجار العظيم.. صراع العمالقة يخلق حزباً قد يؤثر على الساحة السياسية الأمريكية ـ بقلم: السفير د. علي محمد كريشان


في مشهد دراماتيكي، أعلن إيلون ماسك تأسيس حزب أمريكا (The America Party) عبر منصة “إكس” في 5 حزيران 2025، كردٍّ على انهيار تحالفه مع الرئيس دونالد ترامب. الشرارة بدأت عندما وصف ماسك مشروع قانون ترامب الضخم للإنفاق (البالغ 2.4 تريليون دولار) بأنه (شر مستطير) و( إهدار فاضح) للموارد، ما دفع ترامب للردّ بتهديد قطع العقود الحكومية مع شركات ماسك . في غضون 48 ساعة، تحول الخلاف الشخصي إلى زلزال سياسي، نتج عنه إعلان إيلون ماسك إعلان تاسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة الأميركية لتمثيل تيار “الوسط المعتدل داخل البلاد . على الرغم من الزخم الإعلامي الذي لقيه إعلان تاسيس الحزب ،إلا انه لا بد من الحديث عن العقبات الهيكلية والرئيسية التي تعترض طريق تاسيس هذا الحزب على النحو التالي :العقبات القانونية حيث يتطلب القانون الأمريكي انه لتأسيس حزب جديد فانه لابد من جمع 1.7 مليون توقيع ناخب موزّعين على 50 ولاية، بنسب متفاوتة تصل إلى 3% من الناخبين في بعضها (كاليفورنيا). العملية قد تستغرق 3-5 سنوات .العقبات المالية والتمويل : خاصة و ان القانون الأمريكي يفرض قيودا تمنع الأحزاب من تلقي تبرعات تزيد عن مليون دولار ، ما يشكل عائقا امام استخدام ماسك لثروته البالغة (243 مليار دولار) مباشرة في تمويل هذا الحزب .العقبات الدستورية: حيث انه استنادا للمادة الثانية في الدستور الأمريكي يحظر على ماسك الترشح للرئاسة الأمريكية لانه مولود خارج الولايات الأمريكية (ولد في جنوب أفريقيا)، مما يفقد الحزب ميزته و جاذبيته القيادية .وعلى الرغم من هذه الصعوبات والعقبات ، إلا ان هناك ثمة عوامل قد تجعل هذا الحزب قادرا على احداث تغيير في تركيبة الحياة السياسية الأمريكية حيث يمكن للملياردير ماسك تمويل مرشحين مستقلين في عشرة ولايات متأرجحة بين الجمهوريين و الديمقراطيين (مثل بنسلفانيا وأريزونا)، مما قد يؤثّر على الحزبين الرئيسيين في البلاد . كم يجب ان ناخذ قوة وتأثير المنصة الإعلامية المجانية (“إكس” بـ550 مليون مستخدم) في الحسبان والتي ستتيح للحزب الناشئ تجنيد أنصار وتشكيل رأي عام دون تكاليف .واذا ما أخذنا استطلاعات الرأي ( عام 2025 ) في امريكا التي تظهر أن 70 %من الأمريكيين يعتقدون أن الحزبين ( الجمهوري و الديمقراطي) لا يمثلانهم ، وان 35 % يرون أن كلا الحزبان قد فشل في الدفاع عن مصالحهما.يبقى القول ان مقترح الحزب الجديد ، إذا لم يكتب له النجاح فقد يتحول الى قوةبحيث يبقى الحزب الجديد حركة مؤثرة دون فوز انتخابي، وبذلك يؤثر على الجمهوريين ويدفعهم لتبني سياسات أكثر اعتدالاً في الصحة والبنية التحتية .كما ان هناك احتمال باندماج الحزب الجديد مع الجمهوريين ، ويتم ذلك في حال تم تصالح سريع بين ماسك وترامب (كما توقع النائب الجمهوري جيمي باترونيس)، واستخدام الحزب كورقة ضغط .اخر احتمال يتمثل في الفشل التنظيمي و تعقيدات التأسيس وتصاعد الخلافات التي قد تدفع لتبخر الفكرة، خاصة في حال انسحاب ماسك للتركيز على أعماله .الخلاصة ان مبادرة ماسك ليست مجرد رد فعل غاضب إنها تعكس أزمة تمثيل عميقة في الحياة السياسية الأمريكية . رغم أن فرص تحول “حزب أمريكا” إلى قوة انتخابية حقيقية لا تتجاوز 20% (بسبب العقبات القانونية والدستورية السالفة الذكر ) .اختم بما قاله أحد المحللين في “الإيكونوميست ،انه حتى لو فشل الحزب ، فقد نجح بالفعل في كسر الجمود الذي طال أمده، وان الباب الذي فتحه ماسك قد لا يقود إلى سلطة، لكنه بالتأكيد سيغير قواعد اللعبة.