عريفج يكتب: عندما يصبح النجاح الرياضي استراتيجية متكاملة لتحقيق الإنجاز ـ بقلم: المحامي هيثم عريفج

حقق الأردن إنجازًا غير مسبوق بتأهل منتخبنا الوطني إلى كأس العالم. لم يكن هذا النجاح مجرد ضربة حظ، بل ثمرة عمل جماعي، تخطيط دقيق، واختيار للكفاءات، بدعم مباشر وفعلي من القيادة، ممثلة بسمو ولي العهد، الذي لم يكتفِ بالدعم عن بعد، بل شارك الفريق تفاصيل رحلته، ووقف بين الجماهير، برسالة واضحة: “أنا واحد منكم… أنا معكم.” هذا النموذج من النجاح الرياضي هو رسالة قوية يجب أن تُفهم أعمق من حدود الرياضة. إذا استطعنا أن نحقق هذا الحلم بالإرادة والتكامل، فبإمكاننا أن نحقق نجاحًا مماثلًا في ملفات الوطن الكبرى: الاقتصاد، الخدمات، التعليم، والسياسة العامة.إن الاقتصاد الأردني يقف اليوم على بوابة فرص تاريخية. فموقع الأردن الجغرافي الفريد، الذي يربط الخليج ببلاد الشام وأوروبا، يؤهله ليكون مركزًا إقليميًا للتجارة والخدمات اللوجستية. لدينا طاقات شبابية هائلة، متعلمة وطموحة، قادرة على الابتكار وتطوير الحلول. ولدينا مناخ مشمس شبه دائم، يجعل الأردن مؤهلًا ليكون مركزًا إقليميًا في إنتاج الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية.إذا تم استثمار هذه العناصر برؤية بعيدة المدى، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، يمكن للاقتصاد الأردني أن يتحول إلى قصة نجاح تعكس طموحات الشباب وتستثمر الإمكانيات بدل أن تهدرها.لكن ما زالت التحديات قائمة، ولن تُحل إلا إذا عملنا بروح المنتخب.علينا اختيار الكفاءات لا أصحاب العلاقات.تمكين الشباب، لا تهميشهم.تبسيط الإجراءات، لا تعقيدها.جعل المواطن شريكًا في القرار، لا مجرد متلقٍ للسياسات.كما فرح الشعب برؤية ولي العهد بينهم في المدرجات، فإنه يتوق لرؤية المسؤولين بين الناس، في المستشفيات والمدارس والدوائر الحكومية، يستمعون ويُصلحون.هل يمكن للقطاع الصحي أن يتبنى نفس نهج المنتخب؟نعم، إذا تم دعم الكوادر الطبية، وتطوير البنية التحتية، كما حصل في مشروع مستشفى الطفيلة الجديد أو توسعة مدينة الحسين الطبية.ونعم، إذا أصبحت الصحة خدمة للمواطن لا عبئًا عليه، وتم ربط الجودة بالمحاسبة.وفي التعليم كذلك، نجح الأردن في السنوات الأخيرة في إدخال أدوات رقمية للمدارس الحكومية، لكن النقص في المعلمين، وتدني رواتبهم، ما زال يعيق الإنجاز. هل يمكن أن نرى معلمًا يُعامل كما يُعامل نجم المنتخب؟ هذا هو المقياس الحقيقي للنهضة.رسالة ولي العهد لم تكن فقط دعمًا للرياضة، بل نموذجًا في القيادة المتواضعة القريبة من الناس.هذا ما يحتاجه المواطن اليوم: مسؤولون يسمعون، يتواجدون، يخططون مع الشعب لا بالنيابة عنه.حين يصبح الأداء لا الموقع هو المعيار، والثقة لا الخوف هو الأساس، فإن الثقة تعود، والإنجاز يصبح قابلاً للتكرار.من الرياضة تبدأ الحكاية… لكنها لا تنتهي هناك.تجربة المنتخب الوطني درس وطني شامل: نحن قادرون إذا عملنا بصدق، واستخدمنا الكفاءات، واحترمنا عقول الناس، وشاركت القيادة جمهورها في الحلم والرحلة.النجاح ليس حكرًا على الرياضة.هو قابل للتحقيق في الاقتصاد، في التعليم، في الصحة، وفي السياسات… إن سرنا بنفس النهج.نحن قادرون… نحن قادمون