عبير النجار: وطن يظل أبوابه مفتوحة

في وقتٍ تُعاني فيه الإنسانيّةُ من الآلام، ويَكْتوي فيه سُكّانُ غزّةَ بِنيرانِ الحربِ والحصارِ، يَتقدَّمُ الأُردُنُّ بخُطوةٍ جديدةٍ، ليس بالكلماتِ أوِ البياناتِ، بل بأفعالٍ مِلؤُها الرَّحمةُ والعطاءُ. الأُردُنُّ، تحت قيادةِ الهاشميِّين وشعبِه الأصيلِ، لم يَكُنْ يومًا بعيدًا عن ألمِ فلسطين، ولم يَتجاهلْ صُراخَ الأطفالِ والنِّساءِ في غزّةَ. كان دائمًا داعمًا وسندًا، حيثُ يَفتحُ قلبَهُ دائمًا لِمَنْ يَحتاجُ. في أوقاتِ الأزماتِ، تُفْتَحُ الأبوابُ الأُردنيّةُ لاستقبالِ المُساعداتِ، وتُرْسَلُ القوافلُ الطبيّةُ، وتُطلَقُ الرِّحلاتُ الجويّةُ والبَرِّيّةُ، لتُؤكِّدَ للعالَمِ أنَّ: “غزّةَ ليستْ وحيدةً.”مُنذُ بدايةِ التَّصعيدِ، تَحرَّكت فِرَقُ الإغاثةِ الأُردنيّةِ، برعايةِ الهيئةِ الخيريّةِ الهاشميّةِ والجَيشِ، لتَقديمِ ما تستطيعُ من مُستلزماتٍ طبِّيّةٍ، وأدويةٍ، وموادَّ غذائيّةٍ، وخِيامٍ، ومَعدّاتٍ طارئةٍ. طارت الطائراتُ، ورَفْرَفَت أعلامُ الأُردُنِّ في سماءِ غزّةَ، لتُؤكِّدَ على الأُخوّةِ والمصيرِ المُشتركِ.وفي كلِّ قافلةٍ، كانت هناكَ رسالةٌ صامتةٌ، لكنَّها تَعبُرُ بوضوحٍ:نحنُ معكم، لن نَغيبَ، ولا نَنسى.ولم يَتوقَّفِ الدَّعمُ عند القنواتِ الرسميّةِ، بل تفاعل أبناءُ الشَّعبِ الأُردنيِّ بجميعِ أطيافِهِ، حيثُ جَمَعوا التبرّعاتِ، وزادوا الوعيَ، وصلّوا من أجلِ غزّةَ، ودَعَوا اللهَ لحِمايتِها. الشَّبابُ، والنِّساءُ، والأطفالُ، كلُّ واحدٍ منهم أراد أن يُساهِمَ، ولو بِكلمةٍ، أو دعاءٍ، أو قِطعةِ خُبزٍ تُشبِعُ جائعًا في المخيَّماتِ.غزّةُ تَشهَدُ للأُردنِّ، ليس من الأخبارِ، بل من صِدقِ المواقفِ وحرارةِ الدَّعمِ، ومن البيوتِ التي فَتَحت أبوابَها لاستقبالِ الجرحى، ومن المستشفياتِ التي عالجتِ المُصابين كأبناءٍ لهذا الوطنِ.وفي كلِّ مرّةٍ يرتفعُ فيها صوتُ غزّةَ، يكونُ الرّدُّ الأُردنيُّ سريعًا، لا يتأخّرُ، ولا يَنتظرُ التَّعليماتِ. لأنَّ غزّةَ تَحيا في القُلوبِ، وفي النَّخوةِ، وفي الضَّميرِ.ليس غريبًا على الأُردُنِّ هذا الكرمُ، ولا مُفاجئًا لأهلِه هذه الشَّجاعةُ. فالأُردُنُّ، رغمَ التحدّياتِ، يَبقى شامخًا بمواقفِهِ، راسخًا في قناعاتِهِ، لا يَتركُ مَنْ يَحتاجُه.وغزّةُ، لا تزالُ تَهمِسُ في ظلامِ الليلِ:”شُكرًا يا أُردُنُّ… على كلِّ ما قدَّمتَه وتُقدِّمُه، على الرّغمِ من كلِّ شيءٍ.”