المعمّرة زعيلة الشطناوي: والدي أخر دفن ابنه تكريماً لضيوفه

المعمّرة زعيلة الشطناوي: والدي أخر دفن ابنه تكريماً لضيوفه


مدار الساعة – وضاح أبوالبصل – في واقعة تحمل ملامح الفقد والكرم معًا، استقبل الحاج الأردني الراحل سالم سليمان الشطناوي ضيوفًا من فلسطين، بينما كان جثمان ابنه الوحيد مسجّى داخل المنزل بانتظار دفنه. تروي القصة الحاجة المعمّرة زعيلة الشطناوي (أم باسل أرملة الحاج محمد عبدالله اليوسف الخصاونة)، ابنة الراحل، والتي تجاوزت المئة عام، وتقول لـ “مدار الساعة”، إن شقيقها كان الذكر الوحيد لوالديها بعد أن فقدا سبعة من أطفالهما، لكنه توفي فجأة، تزامنًا مع وصول ضيوف قادمين من قرية “كفر كنا” شمال فلسطين.تقول الحاجة زعيلة: “أدخل والدي الجثمان إلى إحدى الغرف وأغلق الباب، وطلب من والدتي أن تتماسك، وحذرها من إظهار حزنها، لتبدأ والدتي بإعداد الطعام فورًا”.وتضيف: “بقي جثمان أخي في الغرفة حتى انتهى الضيوف من الطعام، عندها استأذن والدي منهم وذهبوا لدفن ابنه الوحيد”.لم تتوقف القصة عند حدود الحزن، فقد قررت زعيلة – وهي لم تكن قد تزوجت بعد – أن تبرّ بوالدها على طريقتها، فأقسمت ألّا ترتبط برجل حتى يتزوّج والدها مرة أخرى وينجب ولدًا يحمل اسمه.وبالفعل، زوّجت والدها مرتين، حتى رزق بابن جديد، وحين بلغ الأخير سن السادسة عشرة والتحق بالجيش، خطبت له زعيلة بنفسها وهو غائب، وأصرّت على تزويجه مبكرًا، لتضمن استمرار نسل والدها.اليوم، وبعد أربعة أجيال من أبناء وأحفاد وأبناء أحفاد، ما تزال الحاجة زعيلة ترى في كل واحد منهم امتدادًا لاسم أبيها وهيبته.زعيلة، التي امتد بها العمر لتشهد زواج أحفاد شقيقها، لا تسرد حكاية دفن مؤجل فقط، بل تروي دروسًا في الوفاء، وصورة نادرة لبرّ ابنة بأبيها، ظلت تحفظ اسمه وتحرس ذكراه لأكثر من قرن، صانعًة لعائلتها امتدادًا، ولحكاية أبيها خلودًا، وعبرة لنا جميعًا.