من الإدارة إلى النمو: هل حان الوقت للتحول إلى وزارة التنمية المحلية؟ ـ للكاتبة: د. ليال عيسوة

المقدمة التحريرية:
في الوقت الذي يشهد فيه الأردن نقاشًا متجددًا حول مستقبل الإدارة المحلية وإمكانات تطوير قانونها، تطرح د. ليال عيسوه، الباحثة في الشأن المحلي، رؤية إصلاحية جريئة تعيد التفكير في دور وزارة الإدارة المحلية. فهل حان الوقت لتحويل الوزارة إلى جهة تقود التنمية بدل الاكتفاء بتسيير الشؤون الخدمية؟ في هذا المقال، تُقدّم الكاتبة تصورًا واقعيًا مدعومًا بمحددات قانونية، لما يمكن أن يكون نقلة نوعية في مسار العمل البلدي واللامركزي في المملكة. من الإدارة إلى التنمية: هل آن أوان التحول إلى “وزارة التنمية المحلية”؟د. ليال عيسوه – باحثة متخصصة في الإدارة المحلية والتنمية المستدامةفي الوقت الذي تتعاظم فيه التحديات أمام البلديات، من عجز مالي متراكم وضعف في الموارد البشرية إلى تداخل في الصلاحيات وغياب الرؤية التنموية الواضحة، يبرز تساؤل جاد ومشروع: هل حان الوقت لإعادة تعريف دور وزارة الإدارة المحلية؟
وهل يمكن أن تشكّل “وزارة التنمية المحلية” بوابة جديدة للإصلاح المحلي الشامل؟لطالما اقتصر دور الوزارة على النواحي الإدارية والتنظيمية، بينما بقي البعد التنموي غائبًا أو ثانويًا في أفضل الأحوال. واليوم، ومع ما تشهده المملكة من سعي نحو تمكين المحافظات والمجالس البلدية، يصبح من الضروري التفكير في نقل الوزارة من إدارة الأمور اليومية إلى قيادة عملية التنمية المحلية المستدامة.من تقديم الخدمة إلى صناعة التنميةالبلديات في الأردن تؤدي منذ عقود أدوارًا محددة ومقيدة تتمحور حول تقديم الخدمات الأساسية. لكن الظروف الحالية تفرض مقاربة جديدة تجعل من هذه المؤسسات رافعة تنموية تسهم في دعم الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص العمل، وتحقيق التوازن التنموي بين المحافظات.في هذا السياق، تتحول وزارة الإدارة المحلية المقترحة إلى “وزارة التنمية المحلية” تقوم على:* دعم البلديات في إنشاء مشاريع استثمارية منتجة.* توفير تمويل مخصص لتحفيز المبادرات المحلية.* تمكين المجالس المنتخبة من لعب دور قيادي في التخطيط التنموي.* بناء شراكات مستدامة مع الجامعات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص.محددات قانونية ضرورية للتحولأي تحول استراتيجي على هذا المستوى يحتاج إلى تعديل جذري في التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وفي مقدمتها قانون البلديات واللامركزية. وتشمل المحددات الأساسية:* إعطاء البلديات صلاحيات تنموية موسعة بعيدًا عن التعقيدات المركزية.* نص قانوني واضح لتخصيص نسب من الإيرادات العامة للبلديات.* تعزيز استقلالية المجالس المنتخبة، ورفع القيود الإدارية عنها.* إدراج التنمية المستدامة كجزء من اختصاصات البلديات.* إعادة تعريف الوزارة قانونيًا كجهة وطنية للتنمية المحلية، وليس فقط جهة تنظيمية.نحو مستقبل محلي أكثر استقرارًاإن التحول إلى “وزارة التنمية المحلية” ليس فقط خيارًا إداريًا، بل ضرورة وطنية لإعادة الاعتبار لدور البلديات والمجالس في صنع القرار التنموي المحلي. ومع تصاعد الحاجة إلى حلول اقتصادية محلية حقيقية، فإن هذا التحول يمثل استثمارًا في العدالة التنموية والاستقرار المجتمعي.إن البلديات ليست مجرد مقدّمي خدمات… بل يمكن أن تكون منصات فاعلة لصياغة مستقبل اقتصادي وتنموي أكثر توازنًا وشمولًا. ويبقى السؤال: هل آن الأوان لتبدأ الرحلة من الإدارة… إلى التنمية؟