القوابعة يكتب: تصويت الكنيست الإسرائيلي على الضم… ما هي تأثيراته على الأردن؟ ـ بقلم: الدكتور محمد القوابعة

في خطوة غير مسبوقة، صوت الكنيست الإسرائيلي يوم أمس بالموافقة.. على مشروع قانون ضم الضفة الغربية وغور الأردن. إسرائيل تذهب إلى ضم الضفة الغربية تحت سيادتها، وهذا ما يمثل تهديداً للسلام في المنطقة والإقليم، والذي قد يتجاوزهما الى المشهد الدولي.لكن الخطر يتخذ بُعداً أكثر حدّة بالنسبة للأردن. ذلك أن الأمر ليس مجرد قضية جوار جغرافي، أو إمتداد ديمغرافي، بل هو تهديد متشابك للأمن القومي والاستقرار الداخلي، والمصير التاريخي .على مستوى الأمن القومي يعتبر تهديد مباشر له.إذ تمتد الحدود الأردنية مع الضفة الغربية (نحو 335 كم) .الضم هنا يعني تحويل هذه الحدود إلى جبهة توتر دائمة مع كيان يفرض سياسات عنصرية.ويفجر بؤر التوتر ك تهجير الفلسطينيين قسراً من الضفة، نتيجة المصادرات والهجمات الاستيطانية، سيدفع آلاف اللاجئين نحو الأردن، الذي يستضيف أكبر نسبة لاجئين فلسطينيين في العالم.و على المستوى الداخلي و استقرارهفقد نشهد موجات نزوح غير مسبوقة، تقدّر بعض المنظمات الحقوقية أن الضم سيُسبب نزوح أكثر من 100,000 فلسطيني على الأقل من مناطق الأغوار والقدس الشرقية.إذ يعتبر الأردن الوجهة الأولى لهذا النزيف البشري.أضف إلى ذلك الضغط على الموارد مع محدوديتهافي ظل أزمات اقتصادية خانقة، ومع ارتفاع في معدلات البطالة وارتفاع في معدل الدين العام، سيكون استيعاب موجات نزوح جديدة أمرا مستحيلاً.وعلى صعيد الدور التاريخي للأردن ومصالحه الحيوية.المقدسات الإسلامية و المسيحية والدور الهاشمي في الوصاية عليها ، يصب في صميم الشرعية التاريخية و الدينية لهذا الدور، فضم القدس الشرقية يُلغي الدور الأردني في رعاية المقدسات، ويُسقط ورقة ضغط استراتيجية في بالغ الأهمية .أما على صعيد البعد الاستراتيجي يعد فقدان الضفة الغربية خسارة لعمقه الجو سياسي، إذ يحوّل الأردن إلى دولة محصورة بين مشروع “إسرائيل الكبرى” التوسعي من الغرب، وجواره المضطرب شرقاً ” العراق” وشمالاً ” سوريا “، وهذا ما قديسهم بتقليص دوره الإقليمي.وعلى صعيد حل الدولتين ومستقبل الصراع.وهنا يكمن جوهر الموضوع وغايته الكبرى،فتحويل الأردن إلى “وطن بديل” قسراً..وهذا ما تروج له إسرائيل منذ عقود مشروع “الأردن دولة فلسطينية”. الضم يعني هنا تنفيذه واقعياً عبر إغراقه بسكان الضفة ” انزياح ديمغرافي” لتشكيل واقع جيوسياسي جديد ، يخدم الاطماع التوسعية لدولة الاحتلال، مما يفسح المجال امامتصفية القضية الفلسطينية.وبهذا الضم يتم الاجهاز على أي أمل بتأسيس دولة فلسطينية متجاورة مع الأردن، ويورطه في صراع دائم كـ”دولة حدود” مع كيان الاحتلال.ويبرز هنا أثر ذلك على الاقتصاد الأردني..فقدان الأردن لشريكاقتصادي محتمل في دولة فلسطينية، واستمرار إغلاق المعابر (مثل جسر الملك حسين) سيخنق قطاعات التجارة والنقل والسياحة.وبهذا الضم تضرب دولة الاحتلال بالقانون الدولي عرض الحائط، كما وتنقلب بذلك على الاتفاقيات الموقعة معها، وعلى رأسها إتفاقية السلام مع الأردن ” اتفاقية وادي عربة” .أما خيارات الأردن هنا..فهي متروكة لعقل الدولة وأصحاب الخبرة في هذا الشأن.مع التأكيد على ضرورة دعم صمود الأهل على إمتداد فلسطين التاريخية.و على ما يبدو.. أن قضية ضم الضفة الغربية تتجاوز الأبعاد السياسية والقانونية لتشمل أبعاداً دينية تلموديا عميقة تؤثر في العقل الجمعي لقادة إسرائيل مما ينعكس على الصراع، وطبيعته ، وتُعقّيدات حلوله .