عيسوة تطرح: نحو تشريع للإدارة المحلية يعكس واقع المحافظات وينظر إلى المستقبل ـ بقلم: د. ليال عيسوة

تشهد الإدارة المحلية في الأردن هذه الأيام مرحلة مهمة من النقاش والمراجعة التشريعية، مع انطلاق جهود تعديل قانون الإدارة المحلية بما يتوافق مع مستجدات الواقع الراهن ومتطلبات التنمية المستدامة.
ويمثل هذا التوجه فرصة وطنية لتعزيز دور المجالس المحليه والبلديات في تقديم الخدمات العامة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى المحافظات، بما يتناغم مع الرؤية الوطنية الشاملة للامركزية والتمكين المحلي. إن تطوير قانون الإدارة المحلية ليس مجرد تحديث للنصوص القانونية، بل هو مسار عملي يهدف إلى تمكين المؤسسات المحلية من ممارسة مهامها التنموية بفعالية، وترسيخ شراكة متوازنة بين المركز والمجتمع المحلي، بما يعزز من شفافية الأداء ويعمّق مشاركة المواطنين في صناعة القرار. محددات الإصلاح المرتقب أولًا، لا بد من توضيح وتحديد صلاحيات ومسؤوليات المجالس المحلية والبلديات بشكل دقيق، ما يضمن تمكينها من اتخاذ قرارات تنموية مستقلة ضمن إطار وطني موحد، ويحد من التداخل المؤسسي، مع تعزيز ثقافة المسؤولية والشفافية.ثانيًا، يعتبر تعزيز المشاركة المجتمعية أحد الركائز الأساسية لأي إصلاح ناجح، إذ ينبغي أن يوفر القانون أدوات تشريعية تحفز مشاركة المواطنين المستمرة، من خلال مجالس استشارية وآليات تواصل فعالة تعكس تطلعات المجتمع المحلي وتضمن استجابتها.ثالثًا، يجب ربط التخطيط التنموي بتوفير تمويل مستدام ومرن، يتيح للبلديات تنفيذ مشاريعها التنموية بكفاءة، مع إرساء آليات شفافة لإدارة الموارد المالية وتخصيصها وفق أولويات واضحة ومتفق عليها.رابعًا، تطوير آليات الرقابة والمساءلة يعد من الضرورات الحيوية لضمان جودة الأداء، وتمكين الجهات الرقابية والمجتمع المدني من متابعة تنفيذ الخطط وتقييم الإنجازات، مما يعزز ثقة المواطنين في المؤسسات المحلية. فرصة وطنية لتعزيز الإدارة المحلية يمثل تعديل قانون الإدارة المحلية مدخلاً استراتيجيًا لتطوير العلاقة بين الحكومة المركزية والمحافظات، ووضع إطار تشريعي يُمكّن البلديات من أداء دورها التنموي والخدمي بكفاءة، ويلبي تطلعات المواطنين بشكل مباشر وفعال.ويأتي هذا الإصلاح انسجامًا مع التزام الأردن بمبادئ الحكم الديمقراطي، التي تشجع على اللامركزية والتمكين المحلي، كخطوة متقدمة نحو بناء مؤسسات محلية قوية تسهم في دعم الاستقرار والتنمية المستدامة. خلاصة تُعبر الرغبة في صياغة قانون إدارة محلية يعكس الواقع التنموي للمحافظات ويستشرف مستقبلها عن رؤية وطنية متجددة، تضع المواطن في قلب العملية التنموية.
وبحوار وطني شامل، ومشاركة فعالة من كافة الأطراف المعنية، يمكن لهذا القانون أن يشكل ركيزة أساسية لبناء إدارة محلية أكثر كفاءة وشفافية، قادرة على دعم التنمية المستدامة وتعزيز العدالة الاجتماعية في الأردن.