التل يكتب: التعاون مع القطاع الخاص.. أساس رئيسي للتنمية المحلية في الأردن – بقلم: المحامي محمد مروان التل

التل يكتب: التعاون مع القطاع الخاص.. أساس رئيسي للتنمية المحلية في الأردن – بقلم: المحامي محمد مروان التل


يمر الأردن اليوم بمرحلة اقتصادية دقيقة تفرض تحديات كبيرة على مستوى النمو وتوفير فرص العمل وتحقيق توزيع عادل لمكتسبات التنمية على جميع المحافظات. وفي هذا الإطار، يبرز القطاع الخاص التجاري والصناعي بوصفه شريكًا أساسيًا لا غنى عنه لتحقيق التنمية المحلية المستدامة، والحد من معدلات الفقر والبطالة. لقد أثبتت التجربة الأردنية أن القطاع الخاص يشكل رافدًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، إذ يسهم بأكثر من 70% من فرص العمل في السوق المحلية، ويُعد مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الضريبية والصادرات الوطنية. ومع ذلك، لا تزال بعض المناطق، خاصة المحافظات و القرى و البوادي ، بحاجة إلى جذب مزيد من الاستثمارات التجارية والصناعية لتحريك عجلة الاقتصاد المحلي، ورفع مستوى معيشة المواطنين، والحد من النزوح إلى العاصمة.إن دعم القطاع الخاص لا يتوقف عند تقديم الحوافز المالية فقط، بل يتطلب بيئة تشريعية وتنظيمية واضحة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتوجيه رؤوس الأموال إلى مشاريع إنتاجية ذات أثر مباشر على المجتمعات المحلية. كما يجب تعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية للشركات، بما يسهم في تطوير الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والبنية التحتية، وإتاحة فرص التدريب ورفع كفاءة الأيدي العاملة المحلية.تشير دراسة أكاديمية منشورة عبر CORE.ac.uk إلى أن القطاع الخاص يمثل قاعدة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي من خلال إنتاج الثروة وتوفير فرص العمل وتقليل نسب الفقر. وتوضح الدراسة أن توسيع أنشطة القطاع الخاص يساهم في زيادة الإيرادات الضريبية للدولة ويتيح تمويل المشاريع التنموية مثل المدارس والمراكز الصحية، بما ينعكس إيجابًا على الفئات الأكثر احتياجًا. كما أبرزت الدراسة تجارب دول نامية شهدت تراجعًا ملحوظًا في معدلات الفقر بفضل سياسات دعم القطاع الخاص وتفعيل دوره التنموي.إضافة إلى ذلك، تتفق العديد من الدراسات والتقارير الدولية مع هذا التوجه، إذ يشير البنك الدولي إلى أن الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص (PPP) أسهمت في رفع معدلات الاستثمار بنسبة تصل إلى 20% في بعض الدول النامية وخفض معدلات البطالة والفقر بشكل ملموس. كما يؤكد المنتدى الاقتصادي العالمي أن دعم القطاع الخاص في المناطق الريفية والأقل حظًا يقلل الفجوة التنموية بين المركز والأطراف ويحد من الهجرة الداخلية. وتنسجم هذه التوصيات مع ما ورد في الرؤية الاقتصادية الأردنية 2033 التي وضعت هدفًا واضحًا لتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى أكثر من 70%، مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز المبادرات الريادية في المحافظات.إن تجارب دول مثل تركيا وماليزيا والإمارات العربية المتحدة تؤكد أن تبني نموذج الشراكة الفاعلة بين القطاعين قد حقق نتائج ملموسة في تنمية المناطق الأقل حظًا. إذ نفذت تركيا مشاريع بنية تحتية ضخمة عبر شراكات استراتيجية جذبت الاستثمارات ووفرت آلاف فرص العمل، فيما ركزت ماليزيا على الاستثمار في المناطق الريفية وربطها بشبكات صناعية متطورة. أما الإمارات فقد أنشأت مناطق صناعية وتجارية حرة ساعدت في توزيع النشاط الاقتصادي وتخفيف الضغط عن المدن الكبرى.في هذه الظروف الاقتصاديه التي يمر بها الأردن يغدو تمكين القطاع الخاص بشقيه التجاري والصناعي وتوسيع شراكته مع المجتمعات المحلية ليس ترفًا، بل هو استثمار طويل الأمد لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تُنصف جميع الأردنيين وتكفل العدالة الاجتماعية وتمنح الأمل بفرص أفضل للأجيال القادمة.