ريدايدة والقرعان تدرسان: تأثير حذف حبس المدين على الوضع القانوني للأطراف والنتائج الاقتصادية والاجتماعية — تأليف: المحامية مرح مازن ردايدة

ريدايدة والقرعان تدرسان: تأثير حذف حبس المدين على الوضع القانوني للأطراف والنتائج الاقتصادية والاجتماعية — تأليف: المحامية مرح مازن ردايدة


أثار تعديل قانون التنفيذ جدلًا واسعًا في المجتمع الأردني، نتيجة إغفال حماية حقوق الدائنين، حيث تضمّن القانون تعديلاً على الحالات التي لا يجوز فيها الحبس، وتم العمل بما جاء في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وتحديدًا ما ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي نصّت المادة (11) منه على عدم جواز حبس المدين بسبب عجزه عن الوفاء بدينٍ مدني. وقد صادق الأردن على هذا العهد ونشره في الجريدة الرسمية، فأصبح جزءًا من المنظومة القانونية الوطنية. ومع ذلك، قام المشرّع الأردني باستثناء الحالات الآتية:١- عقود الإيجار٢- عقود العمل٣- دين النفقة٤- التعويضات الناشئة عن جرم جزائي٥- قضايا الخزينة الناتجة عن حكم القانون ” الضرائب”٦- عدم الالتزام بتنفيذ حكم المشاهدة٧- الامتناع عن تسليم الصغيرإلا أن المشرّع لم يُوازن بين مصلحة الدائن والمدين، فجاء هذا التعديل مجحفًا بحق الدائن. و بالرغم من وجود استثناءات لبعض الحالات من قرار عدم حبس المدين، إلا أنّ هذه الاستثناءات لا تُعدّ كافية، إذ إن الالتزامات التعاقدية – مهما بلغت قيمتها – مُستثناة من الحبس، وكذلك الشيكات والكمبيالات.ورغم استمرار إمكانية منع السفر والحجز على أموال المدين المنقولة وغير المنقولة، فإن هذه البدائل غير كافية لتحصيل حقوق الدائنين، نظرًا لوجود عدد كبير من المدينين الذين لا يملكون أموالًا تُحجز، أو قد تكون ممتلكاتهم مُسجّلة باسم أحد أفراد عائلتهم. وبالتالي، يبقى الدائن في هذه الحالة عاجزًا عن تحصيل حقه.ويُطرح في هذا السياق جملة من التساؤلات:-هل يُعقل أن الدائن لا يستطيع طلب حبس المدين في مثل هذه الحالات؟لماذا لم يتم استثناء الشيكات والكمبيالات من هذا التعديل؟ما الغاية التي سعى إليها المشرّع من وراء ذلك؟بالعودة إلى الحِكمة التشريعية من إلغاء الحبس، نُلاحظ أن التعديل جاء لتقليل اكتظاظ السجون، وتخفيف الكلفة المالية للسجين على الدولة، إضافة إلى مواءمته التشريعات مع الاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، كما ذُكر سابقًا و هذا توجه له قيمة قانونية ودستورية ويعزز العدالة الاجتماعية ويحد من استخدام الحبس كأداة لتحصيل الديون، إلا أن المشرّع ترك الأمر دون أن يُقدّم حلاً تشريعيًا بديلًا يُنصف الدائن، وكان الأجدر به أن يُفعّل كافة الإجراءات المرتبطة بما يُعرف بـ”الإعدام المدني”، حمايةً لحقوق الدائن، بل حفاظًا على المجتمع اجتماعيًا واقتصاديًا، إذ إن ترك القانون بهذه الصورة يُهدّد النشاط التجاري والاقتصادي.فعلى سبيل المثال، لا يتجرّأ أي تاجر على تمويل شخص بالبضاعة، طالما أن الشيك والكمبيالة لم يعودا وسيلتين مضمونتين للتحصيل. فالإجراءات الحالية، كمنع السفر أو الحجز على الأموال، لا تُشكّل ضغطًا كافيًا على المدين. لذلك، نهيب بالمشرّع الاردني إيجاد نظام تكاملي يربط بشكل مباشر بين جهات التنفيذ والسجلات الرسمية الحكومية والأنظمة البنكية ، مثل منع المدين من القيام بأي معاملة حكومية، أو من استخدام الحسابات البنكية، كما و نتمنى من المشرع الأردني إيجاد الحلول بصورة مستعجلة، وذلك لتحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية وسيادة القانون، إضافة إلى ضرورة بروز دور المجلس القضائي ونقابة المحامين الآن واتخاذ تدابير تحمي العجلة الاقتصادية وتجنب التضخم الاقتصادي فنحن بصدد فقدان هيبة المحاماة واللجوء للقوة لا للقانون لاستيفاء الحقوق، فما نتمناه من المشرع الأردني اليوم ليس التراجع عن إلغاء حبس المدين بل استكماله بمنظومة قانونية تحفظ التوازن بين الدائن والمدين وتعيد الثقة إلى العلاقة التعاقدية والاقتصادية في الدولة.المحاميتانمرح ردايدهشهد القرعان.