الهديبات يكتب: إنجازات الجامعات الأردنية… بين الحسد والصعوبات المالية والمعايير غير المعترف بها دوليًا! ـ بقلم: د. بشير الهديبات

لا شيء يُعيق التقدم الأكاديمي أكثر من محاولة تقزيم الإنجازات باستخدام معايير غير معترف بها دوليًا (قد تصيب وقد تخطئ) بدافع الحسد لتجييش الرأي العام بهدف التقليل من إنجازات المؤسسات والأفراد. ففي الوقت الذي حققت فيه جامعات أردنية مراكز متقدمة في تصنيفات عالمية مرموقة مثل QS و Times Higher Education، يثار جدل غير علمي ولا يراعي أدنى درجات المهنية على أعلى المستويات حول ما يُسمى “مؤشر النزاهة الأكاديمية” وهو معيار نُشر في بحث للدكتور لوكمان مهو من الجامعة الأمريكية في بيروت، وما يزال غير معتمد من أي مؤسسة تصنيف عالمية محترمة، كما أنه لا يُستخدم في أي دولة متقدمة كأساس لتقييم جودة البحث العلمي، فقد ظهر هذا “المؤشر” في ورقة بحثية فردية. للأسف المؤشر مجرد نتيجة بحث كما يذكر ناشره وليس أداة تقييمية، و فيه كثير من الإختلالات وذلك للأسباب التالية:1. يختزل النزاهة في مؤشرين كميين فقط، متجاهلًا عشرات العوامل الأخرى التي تعتمد عليها التصنيفات العالمية.2. يعاقب الباحثين من الدول النامية على نشرهم في مجلات ذات رسوم نشر منخفضة فتحصل مشاكل ليست من صنعهم، مثل حذف المجلات من قواعد البيانات العالمية لأسباب مالية أو إدارية.3. لا يفرق بين الخطأ العلمي والفساد المتعمد، في حين يميز المجتمع العلمي بينهما بوضوح والأصل أن تدرس كل حالة بشكل منفصل.أي متأمل من المجتمع الأكاديمي لمعايير هذا المؤشر وظهور الجامعات الأردنية فيه يدرك أن المعضلة الحقيقية هي التمويل وليس النزاهة. فما يتجاهله المؤشر هو أن غالبية حالات حذف المجلات من “سكوبس” مرتبطة بمشاكل مالية أو إدارية وغالبية هذه المجلات تتقاضى رسوم نشر منخفضة ويلجأ لها الباحث الأردني بسبب ضعف الدعم المالي، لا ضعف النزاهة. أضف إلى ذلك بأن هذا المؤشر يخلط بين الأخطاء المقصودة وغير مقصودة، فعندما يُسحب بحث لباحث واحد في جامعة أو يُنشر في مجلة مشبوهة دون علم الجامعة أو بسبب جهل الباحث، يُعاقب كل الباحثين في الجامعة بإدراج الجامعة ضمن مؤشر الخطر.السؤال الأهم: لماذا لا يطالب المروجون لهذا المؤشر بزيادة موازنات البحث العلمي بدلًا من اتهام الباحثين؟الحقيقة أن الجامعات الأردنية تتقدم رغم التحديات، وهذا إنجاز يجب أن يُقاس بالمعايير الدولية الحقيقية والمعتمدة دوليا، لا بمقاييس غير معتمدة تفتقر إلى الشرعية الأكاديمية، وهي مجرد نتاج تفكير فردي لدكتور في جامعة ببيروت.كفى تشكيكًا في الإنجازات … وحان وقت دعم البحث العلمي بموازنات حقيقية ومعايير عالمية!