عيسوة تطرح سؤالاً: ما هي الخطوات التالية بعد إلغاء مجالس المحافظات والبلديات؟ ـ إعداد: د. ليال عيسوة

عيسوة تطرح سؤالاً: ما هي الخطوات التالية بعد إلغاء مجالس المحافظات والبلديات؟ ـ إعداد: د. ليال عيسوة


تُعد البلديات أحد أبرز أركان الإدارة المحلية وأدوات الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، إذ تلعب دوراً مباشراً في تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز المشاركة المجتمعية في صنع القرار المحلي. وفي ظل قرار حل مجالس المحافظات والبلديات، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم شاملة للمنظومة البلدية، واستشراف مستقبل العمل المحلي ضمن رؤية واضحة تعزز الفاعلية وتواكب متطلبات المرحلة المقبلة. وفي هذا الإطار، لا بد من توجيه الشكر والتقدير لرؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية السابقة، لما بذلوه من جهود ميدانية مقدّرة في خدمة مجتمعاتهم، رغم ما واجهوه من تحديات مالية وإدارية. لقد شكّل عملهم إضافة نوعية للواقع الخدمي والتنموي في العديد من المناطق، ما يستوجب الإشادة بما تحقق في ظل الإمكانيات المتاحة.ومن الخطوات اللافتة التي تستحق الوقوف عندها، الزيارة الأخيرة التي قام بها معالي وزير الإدارة المحلية المهندس وليد المصري إلى عدد من البلديات، والتي عكست حرصاً واضحاً على التواصل المباشر مع العاملين في الميدان، والتعرف على التحديات من مصادرها، والاطلاع عن كثب على واقع العمل البلدي. إن هذا التوجه يعكس روح المسؤولية ويعزز مفاهيم الحوكمة والمساءلة والمشاركة.تقتضي المرحلة القادمة العمل على إعادة بناء الإطار المؤسسي للإدارة المحلية، عبر وضع معايير مرنة وعادلة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية السكانية والجغرافية لكل محافظة وبلدية، بما يضمن التوزيع العادل للموارد ويعزز العدالة في التنمية.وفي هذا السياق، يبرز نموذج أمانة عمّان الكبرى، التي تُدار من خلال التعيين، بوصفه تجربة يُمكن الاستفادة منها في مواقع أخرى، لا سيما في ظل ما أثبتته من قدرة على إنجاز الأعمال بكفاءة واستمرارية. إن اعتماد أسلوب التعيين في بعض البلديات، شريطة أن يستند إلى الكفاءة والاختصاص، قد يساهم في تحقيق الاستقرار الإداري وتسريع وتيرة الإنجاز، مع التأكيد على أهمية وجود أنظمة رقابة ومساءلة تضمن الشفافية وتحفظ المصلحة العامة.كما يُعد تمكين الكوادر البشرية في البلديات، من خلال التدريب المستمر وتطوير المهارات الفنية والإدارية، عاملاً جوهرياً في تحسين جودة الأداء المؤسسي. إن تفعيل دور الأقسام الفنية كالتخطيط والهندسة والخدمات، وتمكين الموظفين في مواقعهم، يشكل رافعة أساسية للارتقاء بالعمل البلدي.وختاماً، فإن المرحلة المقبلة تتطلب إقرار قانون حوكمة عصري وفعّال، يُعرّف بوضوح مفهوم التنمية المحلية، ويمنح البلديات صلاحيات موسعة وواضحة ضمن أطر رقابية وتشريعية منظمة. يجب أن يُبنى هذا القانون على أسس من المشاركة، والمساءلة، والشفافية، ليعكس الرؤية الوطنية للتنمية المستدامة، ويُمكّن البلديات من أن تكون شريكاً حقيقياً في بناء مستقبل تنموي يُلبّي تطلعات الدولة والمواطن معاً.