النجار تكتب: التوازن بين متعة عطلة الصيف وتحديات التوجيهي ـ بقلم: عبير النجار

عندما تنتهي السنةُ الدراسيةُ، تبدأ الحياةُ بإخبارِ الطلابِ بكلمةٍ لطالما انتظروها: عطلة. هذه الكلمةُ تُجسِّدُ أحلامَ الراحةِ، وروحَ الحريةِ، ووعودًا بالمستقبلِ في أيامٍ خاليةٍ من القوائمِ الزمنيةِ أو أجراسٍ تُشوِّشُ الأحلام.لكن لهذه الكلمةِ معنًى آخر، يُدركه فقط من خاضَ تجربةَ التوجيهي، أو من يقفُ على عتبتها بخطواتٍ غيرِ واثقةٍ، وقلبٍ مليءٍ بالتحديات.تُعتَبرُ العطلةُ الصيفيةُ استراحةً للمُجتهدين بعد عامٍ من التعبِ والسهرِ، ولكن بالنسبةِ لطالبِ التوجيهي، هي لحظةٌ حاسمةٌ تفصلُ بين فترتين: ماضٍ يُترَك، ومستقبلٍ يُبنى.ليست مجردَ فرصةٍ للاسترخاءِ، بل مساحةٌ قيمةٌ لإعادةِ تنظيمِ الذاتِ، والاستعدادِ لعامٍ يحمل وصفَ “مهم”، وإن كانت الحقيقةُ تشيرُ إلى أنه ليس مصيريًّا بقدرِ ما هو حاسمٌ في بناءِ البداية.خلالَ هذه العطلة، يقع الطالبُ بين خيارين:إما أن يستسلمَ للكسل، ويقضي وقتَه بين الأجهزةِ والألعاب، مؤجِّلًا التحضيرَ للوقتِ القادم،أو أن يُدركَ أن كلَّ يومٍ في الصيفِ هو فرصةٌ استثمارية، وأن العقولَ كالأرضِ، إذا ما زُرِعَت بشكلٍ صحيحٍ في الأوقاتِ المثمرة، ستؤتي ثمارَها عند حصادِها.والتوجيهي، رغم المحاذير، ليس وحشًا كما يتصوَّر البعض، بل هو كجسرٍ يجب عبورُه؛ بعض الطلابِ ينطلقون عليه بحماس، وآخرون يواجهون الصعوبات، وهناك من يبني خطواتِه ببطءٍ حتى يجتاز.أجملُ ما في هذه العطلةِ أنها تُعطي الطالبَ الفرصةَ للاعتمادِ على نفسِه قبل الاعتمادِ على الكتب، ويُهذِّبُ روحَه قبل تحسينِ أفكارِه، ويفهم أن النجاحَ يُبنى تدريجيًّا، صفحةً صفحة.من الجيد أن تتضمنَ العطلةُ مزيجًا من الراحتين:هدوءٌ للعقل، ووقودٌ للطموحات.فلا جدوى من عقلٍ مُرهقٍ داخل التوجيهي بجسدٍ خامل، ولا قيمة لخطةٍ مدروسةٍ بدون رغبةٍ ملتهبة.ابدأْ بخطةٍ بسيطة، لا تُرهقْ نفسكَ بها ولا تجعلكَ تشعر بالضغط.خصص ساعتين يوميًّا للمراجعة، وقتًا للرياضة، وآخر للترفيه، وكن حولك أشخاصٌ يُحفزونك بدلًا من إحباطِ طموحاتك.أعدْ لنفسكَ أجواءً مريحة، ركنًا هادئًا، دفاترَ ملوّنة، عباراتٍ تحفيزية، وورقةً مُلصقةً على الحائط كُتِبَ عليها:”سأصل، ولو ببطء… سأصل.”تذكَّر أن كلَّ لحظةٍ تمرُّ في الصيفِ تُقرّبك أو تُبعِدك عن أحلامك، وأن كلَّ جهدٍ بسيطٍ تقوم به اليوم، قد يكون سببًا لابتسامتك غدًا عند دخولك الجامعةَ التي تطمح إليها.لذا، لا تتركْ الصيفَ يضيع في مخاوفِ التوجيهي، ولا تتجنّب التوجيهي بحجّة الصيف،بل اجعل الصيفَ وسيلةً، والتوجيهي بابًا، وكن أنت البطلَ الذي يحمل المفاتيح.