اليماني يتناول: الأردن كفكرة.. ونحن التفاصيل ـ تأليف: د. مريم علي اليماني

في عالمٍ تتبدّل فيه المبادئ كأوراق الخريف، ويتغير فيه الولاء تبعًا للمصالح والمكاسب، يقف الأردن ثابتًا كقيمةٍ أخلاقية قبل أن يكون كيانًا سياسيًا. ليس هذا الوطن مجرّد رقعة جغرافية صغيرة في قلب الشرق الأوسط، بل هو فكرة عميقة، ورؤية متزنة، وموقف راسخ لا تزعزعه العواصف ولا تُغريه المصالح. الأردن لم يكن يومًا تابعًا، بل كان صاحب قرار مستقل، وسيادة نابعة من ثوابت راسخة. مبدأه في السياسة قائم على التوازن، وفي الإنسانية مبنيّ على العدل، وفي الإقليمية مؤسس على الإخاء، وفي العروبة متجذّر بوفاء. لم يحد عن دوره التاريخي في الدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ولا زال الوصيّ الأمين على المقدسات، والحامي الوفي للهوية.حين يكتب التاريخ، لا يذكر الأردن كمتفرج، بل كفاعل من الطراز الأول. في كل أزمة عربية أو إقليمية، كان الأردن الحاضن لاجتماع الكلمة، والملاذ الآمن للنازحين، والمرجع الأخلاقي في زمن انحرفت فيه البوصلات. في عزّ الأزمات الاقتصادية، وحصار الموارد، لم يغلق أبوابه، بل فتح قلبه قبل حدوده، لأن المبادئ لا تُقاس بالأرصدة، بل بالمواقف.”نحن الخبر”، لأننا أبناء بلد اختار أن يصنع الفارق لا أن يتبع التيار. نحن الخبر حين يكون الآخرون الضجيج. نكتب الحقيقة حين يكتب غيرنا التزييف، ونتحدث بلغة العقل حين تعلو أصوات الفتنة. الشعب الأردني هو الصورة المصغرة لهذا المبدأ: متنوع، متآخٍ، متضامن. من شماله إلى جنوبه، ومن باديته إلى حَضَره، يحمل الأردني في داخله شيفرة الانتماء التي لا تتغير.ورغم كل التحديات، يبقى الأردن مرفوع الجبين، لا يُساوم على ثوابته، ولا يُفرّط بمبادئه. لأن المبدأ فيه ليس شعارًا، بل هوية وطنية، وقيمة تربوية، ونهج حياة.ختامًا:في كل مرحلة تاريخية، يصطف كثيرون على قارعة المواقف، وينتظرون من ينتصر ليصفّقوا له. أما الأردن، فكان دومًا في قلب الحدث، لا لحسابات الربح والخسارة، بل لأنه ولد على مبدأ، وسار عليه، وسيبقى كذلك. فليكتب العالم ما يشاء، أما نحن، فنبقى: الأردن مبدأ… ونحن الخبر.