الضمور يعبّر: لا تلوم المثقل على رغبته في الهروب.. حتى من ذاته – بقلم المحامي حسين أحمد الضمور

الضمور يعبّر: لا تلوم المثقل على رغبته في الهروب.. حتى من ذاته – بقلم المحامي حسين أحمد الضمور


لحظات نختنق فيها دون سببٍ ظاهر، ونبحث عن عزلة نقيّة نلوذ بها من زحام الحياة… أحيانًا، ينتابنا شعور عارم بالرغبة في الانسحاب من كل شيء…من الضجيج، من الوجوه، من التفاصيل الصغيرة التي كانت تعنينا يومًا،بل ومن أنفسنا إن أمكن.وكأن داخلنا يصرخ: كفى! لقد استُهلك كل شيء حتى التعب.نمرّ بلحظات يتوقف فيها العالم رغم أنه يمضي،لحظات يبدو فيها الزمن بلا معنى،ننظر إلى المرآة فنرى ملامحنا شاحبة، لا لأننا مرضى،بل لأن الروح أرهقها الحمل الخفي الذي لا يُرى.في عالم يتسارع بلا هوادة،ويُطالبنا كل يوم بالمزيد من الأداء والتفاعل،تصبح الرغبة في الابتعاد ردّ فعل طبيعيًا،بل ربما ضرورة لإنقاذ ما تبقّى من السلام الداخلي.إنها ليست هروبًا بالمعنى السلبي،بل استراحة من المعركة اليومية مع التوقعات،ومع ضجيج الأفكار التي لا تهدأ.نرغب فقط أن نُطفئ كل شيء،أن نغلق نوافذ أرواحنا لبعض الوقت،علّنا نجد في الصمت ما فقدناه في الزحام.لكن الأجمل في هذا الابتعاد،أنه حين يكون صادقًا وعميقًا،لا يعود بنا فقط إلى نقطة البداية،بل يُعيدنا محمّلين بالوعي والنضج،أكثر إدراكًا لما نحتاجه فعلًا،وأقل انشغالًا بما لا يستحق منا كل هذا الاحتراق.فلا بأس إن شعرنا بالضيق، ولا عيب في الاعتزال المؤقت.فنحن بشر، نحتاج إلى الهدوء كما نحتاج إلى الهواء،وليس في الصمت ضعف، بل في كثيرٍ منه شفاء.