العرسان يطالب: ضرورة تنفيذ الحكومة لبرنامج تحفيزي لمساعدة الأردنيين في مواجهة الضغوط المالية المتزايدة – بقلم: محمد العرسان

العرسان يطالب: ضرورة تنفيذ الحكومة لبرنامج تحفيزي لمساعدة الأردنيين في مواجهة الضغوط المالية المتزايدة – بقلم: محمد العرسان


شكاوى عديدة من تجار بسبب حالة الركود في قطاعات مختلفة، ومواطنون يعجزون عن ترخيص مركباتهم بسبب تراكم المخالفات والرسوم؛ هذه ليست مجرد شكاوى عابرة بل مؤشرات على أزمة اقتصادية خانقة بحاجة إلى قرارات حكومية سريعة. يواجه الأردن موجة من الضغوط الاقتصادية المتعاظمة التي تثقل كاهل الأفراد بعبء متزايد من الديون، بينما تتراجع القدرة الشرائية وسط ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وثبات الأجور. في ظل مستجدات اقتصادية كبيرة خلقها إقليم مضطرب تتطلب إجراءات حكومية جريئة.مديونة الفرد الأردني ترتفع بسرعة، بلغ إجمالي ديون الأسر 42.4 مليار دولار في يناير 2025، ما يعادل 80.6% من الناتج المحلي للأردن بحلول سبتمبر 2024. هذا الرقم القياسي يؤكد أن الكثير من الأسر تميل نحو الاقتراض لمجرد تغطية نفقاتهم الأساسية.على صعيد البطالة، وصل معدلها إلى 21% في نهاية 2024، مع ارتفاع معدلات البطالة بين النساء لتصل إلى 31%، وحوالي 46% بين الشباب (15–24 سنة)، بينما استقر معدل البطالة العام عند 21.3% في الربع الأوّل من 2025 . هذا يشير إلى وجود أزمة تشغيلية حادّة خصوصًا بين الفئات الشابة.ورغم تباطؤ معدل التضخم (حوالي 2% في 2024) واستقرار الاحتياطات عند نحو 8 أشهر من الواردات ، إلا أن ارتفاع أسعار الوقود نسبياً في أوائل عام 2025 وركود بعض القطاعات ترك أثرًا ملحوظًا على القدرة الشرائية.من جهة الإيرادات العامة، ارتفع عجز الميزانية إلى 6.3% من الناتج المحلي في نهاية نوفمبر 2024، مقارنة بـ5.9% نهاية 2023. بينما تجاوزت الحكومة الديون العامة 117% من الناتج في فبراير 2025 ، ما يزيد الضغوط المالية على المدى المتوسط.إن ما يواجهه الأردنيون اليوم هو نتيجة تراكم صدمات متعددة: جائحة كورونا، نتائج الحروب الإقليمية، البطالة المرتفعة دون زيادة ملحوظة في الأجور، إضافة لسياسات رفع الأسعار والضرائب التي لم ترافقها حوافز مباشرة للمواطنين. فمع ثبات الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة، فإن معادلة الحياة اليومية باتت تحت اختناق حقيقي.الحكومة مطالَبة اليوم بتطبيق حزمة تحفيزية عاجلة تتضمّن إعفاءً أو تسويةً فوريةً لمخالفات المركبات والرسوم المتراكمة لتخفيف العبء المباشر عن جيب المواطن، خصوصا في ظل عجز كثيرون عن ترخيص مركباتهم بسبب تراكم المخالفات.إلى جانب تخفيض ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية على السلع الأساسية بما يساهم في تحفيز الاستهلاك وتعزيز القدرة الشرائية.وتشمل هذه الحزمة أيضًا تقديم سقوف ائتمانية ميسّرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر قروض بفوائد منخفضة أو حتى معدومة بهدف رفع طاقة التشغيل وتحريك السوق، وإطلاق برامج دعم مالي مباشر للفئات الأكثر تضررًا من الأوضاع الاقتصادية، كالعاطلين عن العمل والعاملين بأجور يومية،بطريقة تضمن وصول الدعم لمستحقيه بفعالية وعدالة.إن تحفيز الطلب المحلي هو السبيل للخروج من الركود الطاغي، وسياسات كهذه من شأنها تشغيل طاقات السوق وتخفيف الاعتماد على الدين، ما يخفف الضغط على الديون الاستهلاكية حكوميًا وخاصة على الأفراد.وفي سياق ذلك، تُعد جهود الحكومة الحالية عبر اتفاق الصندوق مع صندوق النقد (مراجعة ثالثة في أبريل 2025 بحوافز متعلقة بالكهرباء والماء والصحة) مؤشرًا إيجابيًا، لكن لا يكفي وحده لإحداث تحول ميكروي ملموس . المطلوب تعزيز ذلك بشكل تدريجي ومرن عبر حزمة تحفيزية شاملة تحقق تأثيرًا ملموسًا للأردنيين الآن وقصير الأجل.مع الأخذ في الاعتبار أرقاما مثل ارتفاع الديون إلى 80.6% من الناتج المحلي وارتفاع البطالة الخاصة بالشباب إلى 46%، فإن سياسة الإعادة ضخّ حياة جديدة في الطلب المحلي، وتحريك عجلة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الطبقات والمناطق الأكثر هشاشة، لم تعد رفاهية، بل ضرورة حيوية لدرء أزمة اجتماعية واقتصادية متعاظمة.