أبو زيد: النصيحة رائعة، لكن الفعل أجمل يا مستر دونالد ترامب – بقلم زيد أبو زيد

الجمعة الرابع من تموز 2025 سلمت حركة المقاومة الإسلامية حماس ردها على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف المقرب من الرئيس ترامب الى الوسيطين المصري والقطري وتتضمن هدنة لمدة ستين يومًا وتبادلاً للاسرى ما بين إسرائيل وحماس في مقابل إدخال المساعدات الإنسانية وانسحابات جزئية . وهناك مؤشرات كثيرة إلى أن المقترح الجديد سيمر بعد ما يقرب من عامين من حرب الإبادة على قطاع غزة وتنكيل وهدم وتشريد واعتداء على المقدسات على كل أرض فلسطين لاعتبارات أمريكية واسرائيلية وفلسطينية، ولكن هل ستتوقف الحرب كليًا ، وتنسحب إسرائيل من كامل قطاع غزة بوصفة دولية – عربية ، ورعاية أمريكية ووساطة قطرية -مصرية في ظل وجود أكثر حكومات إسرائيل تطرفًا منذ عهد تأسيس هذا الكيان، وهل استفاق العالم من سردية أحداث السابع من أكتوبر وما تلاها ، وفي هذه القضية هناك الكثير يمكن أن يقال خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد واستباحة أرض سوريا من اسرائيل والحرب على لبنان وتحجيم دور حزب الله، وأخيرا الحرب على إيران ومشروعها النووي، وفي كل ذلك تفاصيل وحديث طويل وصراعات فوق إقليمية قد حدثت وما زالت تحدث الى جانب حروب داخلية وغيرها بين روسيا واكورانيا والحرب الاهلية في السودان وليبيا والقصة تطول ، لترجعنا الى المربع الاول الحرب على غزة هل تتوقف؟ ، والى متى ، وكيف سيكون التفاوض إثناء الهدنة إن تمت والى ماذا ستؤول الأمور، وما شكل الحكم في غزة وما ارتباطه بسلطة رام الله وهي الموضوعات الأكثر تعقيدًا الى جانب إعمار قطاع غزة ومستقبل حماس والجهاد وغيرها؟.لقد تحدث دونالد ترامب عن عدد من الوعود والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها بصفته رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية التي يفخر أنها أعظم قوة على وجه الأرض، والتي يحتاج فيها إلى وَحدة الشعب كي يساعدوه على ذلك، وتحدث عن نفسه بوصفه رجل سلام ويريد الحصول على جائزة نوبل للسلام وإيقاف الحروب، ولكنه انزلق بعد ذلك الى حديث السيطرة على غرينلد ومضيق بنما والسيطرة على كندا وفرض الرسوم الجمركية على دول العالم ودعم نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل المتطرف وأصبحت مقولاته تثير الدهشة والغرابة.ولكن يسجل له وقف التصعيد الهندي الباكستاني ، ولكنه عاد ليقصف منشئات إيران النووية ويزود إسرائيل بمزيد من الأسلحة في ظل محادثات لم تكتمل مع إيران وعاد ليجدد الوعد بصفقة واتفاق مع إيران ، وأخيراً عاد للحديث عن السلام وكان قبل ذلك بأيام قد زار المنطقة العربية ووعد بحل الصراع في منطقة الشرق الأوسط وعن صفقة جديدة لتبادل الاسرى ووقف الحرب ، ولكننا وللعدد الهائل من تصريحاته نريد الافعال لا الأقول أما مستقبل حماس وغيرها فلا يهمنا في النهاية كثيرا إن تحقق السلام في الشرق الأوسط واعلنت دولة فلسطينية مستقله وعاصمتها القدس حسب قرارات الشرعية الدولية وهو الموقف الرسمي الاردني المصاحب للموقف الثابت بأولوية وقف الحرب على غزة ووقف الاستيطان واعمار غزة.ولكن الحديث يطول ويتاج الى تفصيل ولن يكفي الفصيل لأن المشهد في غاية التعقيد إقليميًا وعالميًا ونذر التصعيد لا زالت تلوح في الأفق والانفجار الكوني قد يكون قريبًا إن استمرت الاختلالات على حالها..لقد قال الرئيس الأمريكي نريد جعل أمريكا قوة عظمى مجددًا، فهل يكون ذلك بالقوة التي أسماها السلام بالقوة كما فعل مع الايرانيين رغم أن الأمر لم ينتهي بعد؟. ووعد بانهاء الصراع في غزة ولم ينجح بعد وهذايذكّرني هذا الخطاب سيدي القارئ برواية ورد فيها: أنّ خطيبًا صعِد المِنبر، فارتبك وصمت، ولم يعرف ماذا يقول، لكنّه بعد انتظار وتقليب للأفكار قال: “أيها الناس، إنّكم أحوج إلى أمير فعّال منه إلى أمير قوَال” هذا ما لفت نظري وأنا أستمع بإمعان لخطابات الرئيس الأمريكي الجديد الموجه إلى العالم، والى تغريداته المتتالية، ثُمّ نشاهد الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني؛ ليبقى متفوقًا عسكريًّا ومتغطرسًا ضد أي مبادرة عربية، متّبعًا في ذلك فرض سياسته الصهيو- أمريكية، وتمويل خطط التجزئة والتفتيت والحروب الأهلية والطائفية، وبعد ذلك وضع المخطط لتقسيم المنطقة، وقبول الكيان الصهيوني فيها على الرغم من أنوف العرب ومعاناة الفلسطينيين، من دون التفات إلى مبادرات العرب وتنازلاتهم، واضعًا في ذهنه بناء الإمبراطورية الأمريكية، فهل تخلص من بعض أفكاره وسيحقق السلام؟.إذا كتبت عن وجهة نظري بكل ما حصل من يوم السابع من أكتوبر وعن الانقسام الفسطيني وعدم نجاح المصالحة الفسطينية سيتنطح كثير من المتفيهقين للرد دون استكمال القراءة وقد يعقد البعض أن نقد موضوع يعني أن صاحب النقد يدعم او يريد سيطرة اسرائيل على قطاع غزة أو تأييده لحرب الإبادة التي ارتكبها الكيان الاسرائيلي بوحشية ، ولذلك أسجل منذ البداية أنني ارى فلسطين من النهر الى البحر مستقلة كاملة السيادة وهي حق الشعب الفسطيني الأبدي ، ولكن في الظروف الحالية هذه أحلام يجب أن نتجاوز الحديث فيها الى نقطة نصل فيها الى وقف الحرب على غزة والضفة وتحقيق الدولة الفسطينية حتى لو كانت على حساب حل كل التنظيمات الفسطينية لصالح كيان تنظيمي فلسطيني جديد يوحد الفسطينيين من جديد ويعيد صياغة المشهد والعلاقات بينهم وبين كل العرب بعيداً عن سياسة المحاور وأيضًا هذا موضوع لاحق ولنتحدث الآن في واقع الحال وان كانت إشاراتي واضحة لمداخل الحلول المستقبلية.وهنا أوجه القول لدونالد ترامب ، وإنّ العلاقات الأمريكية – الدولية يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة”، وتقول أيضًا: “الاختلاف يجب ألّا يكون بداية للتحارب والتناحر، ويجب أن نحترم قيم بعضنا، أحيانًا سنحتاج إلى يد المساعدة، وأيامًا أخرى سيُطلَب منا مد يد العون، هكذا هي الحياة…” كلام جميل، ولكن ما موقفك من احتلال الكيان الصهيوني لأراضي الفلسطينيين والتنكيل بهم، فهل الكلام وحده كافٍ ؟ أم أنّ مأساة اليهود في الهلوكوست التي استشهدت به كما استشهدت بالسابع من أكتوبر سيقودك مجدداً الى إباحة قتل الفسطينيين وتهجيرهم؟، علمًا بأن الهولكوست لم يكن للمسلمين أو العرب الفلسطينيين يد فيه، أم أنك ترى إنّ من واجب المسلمين والعرب أن يدفعوا فاتورة جريمة أوروبا التي تشفق عليها سيادة الرئيس؟، أم انك انتهيث من هذه الرواية كما ستنهي سردية السابع من أكتوبر لصالح حل تاريخي للقضية الفسطينية وأنا هنا لا أراهن على ذلك!.سيدي القارئ، حتى لا نُتَّهم بالتشاؤم، فإننا مستبشرون مع ذلك بتغيير جزئي في سياسة البيت الأبيض في المنطقة العربية، خاصة في الأيام الأخيرة وزيارة ترامب للمنطقة العربية ولكن هذا لا يكفي فهناك أطرافًا عربية كالاردن أكثر التصاقًا بالموضوع الفسطيني من غيرها ولا نتحدث هنا عن الوصاية الهاشمية على المقدسات فقط بل عن أوسع من ذلك بكثير!!!!!؟من جانب آخر آن الآوان للمصالحة الفسطينية الفسطينية وتذويب الفصائل في جسم فلسطيني واحد لتسجيل نقطة لصالح الحق الفلسطيني، فما قبل غزة ليس كالذي بعدها، وما تحقق لا يجب أن تضيعه السياسة العمياء والمواقف الاحادية والمصالح الفصائلية فالشعب الفسطيني عانى الكثير، والمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني بدم بارد لن تنمحي من ذاكرة الإنسان العربي والفلسطيني، كما أنّ اللغة النمطية المتداولة، والعبارات الفضفاضة، يجب أن تنتهي بعد أن تسيدت سنوات الخطاب الفلسطيني والعربي اليومي؛ لأنّ برنامج دولة الاحتلال القادم، في ظل التفكك الحكومي والبرلماني داخل الكنيست قد يؤدي إلى أفعال أكثر عدوانية ودموية، والمخططات جاهزة لبناء عشرات الآلاف من الوَحدات السكنية؛ لاستقبال مستوطنين جدد في الضفة الفلسطينية والقدس الشرقية المحتلتين، كما في قطاع غزة.إننا ندعو إلى ضرورة الوصول إلى حل واتفاق فلسطيني- فلسطيني؛ لأنّ العدوان لم يتوقف بعد، وإن كان إطلاق النار قد يتوقف مؤقتًا، فإنّ الاحتلال قائم، وهذه هي الحقيقية الواضحة.إنّ ما يحدث ليس إلا مراحل من العدوان يمارسها المحتل ضد أبناء شعبنا العربي الفلسطيني، والمهم في الوصول إلى هذا الحل التوقف التام عن استعمال كلمة المصالحة، فهذه الكلمة أصبحت تعني المحاصصة، واقتسام كعكة الحكم الموهوم، لأنّ الاحتلال قائم، ومن يخوض حوارًا على أساس أنّ فلسطين تحررت من الاحتلال، فعليه النظر إلى حواجز الجيش الصهيوني على الطرقات، وإلى حصار المدن، وبناء المستوطنات، واقتحام المدن والاعتقالات، فعلى أي حكم يختلف من في غزة ومن في رام الله؟يجب أن يرقى حوار الفلسطينيين إلى مستوى خطورة قضيتهم، وعلى أيّ طرف ألّا يحسب حساب حكومة دولة الاحتلال، ماذا تريد؟ وكيف ستتصرف؟ وعلى الفلسطينيين أن يكون لهم موقفهم خارج حدود الحسابات الإقليمية والدولية والعربية بطبيعة الحال في مواجهة القضية الفلسطينية لقطار الموت الصهيوني الذي يُعِدّ له اليمين الصهيوني على مهل؛ ليكون وسيلة التخلص من كل سلطة فلسطينية ، كما أنّ شعب غزة الصامد ما زال ينتظر بدء الورشات عملها؛ لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال إن توقفت الحرب لان الشيطان يكمن في تفاصيل ما سيحدث في الأيام القادة إن تحققت الهدنة المؤقته.وهنا يجب أن تدرك الدول العربية جميعها أنّها في مفترق طرق؛ إذ ثبت بالدليل العملي أنّ الدول الغربية لا تحترم الدول التي تفرط في حقوقها الوطنية أو التي تتردد في الوقوف في صف المواجهة، وهذا الأمر لا يتعلق بالقضية الفلسطينية فحسب، بل يتعلق بسائر السياسات التي تتبعها الدول العربية، ويخطئ الحكام العرب لو ظنوا أنّ ما حدث أمر عابر؛ ذلك أنّ الأمر – وإن اتصل بالقضية الفلسطينية – فهو في حقيقته اختبار للإرادة العربية كلها، وهل العرب قادرون على الصمود من أجل تحقيق مصالحهم واسترداد كرامتهم حقوقهم المهدورة.لقد بات معروفًا أنّ لغة القوة والعنف، والعنف المضاد ما زالت هي السائدة في الصراع العربي الصهيوني، ما سبّب الأحداث جميعها وظل يسببها في المنطقة العربية ويُنشئ حالة عدم الاستقرار، وسوف تستمر هذا الحال حتى تُحل القضية الفلسطينية، وما يترتب على ذلك من تعايش سلمي بين الأديان والطوائف داخل فلسطين وخارجها، وهنا نصل إلى عقدة القضية وشكل الحل المقترح الذي يحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية في فلسطين، ويمكّن المهجرين والمبعدين والمشردين كلهم من العودة إلى فلسطين، ولا شكّ في أنّ حلًّا تاريخيًّا واحدًا قد يحقق ذلك؛ وهو دولة كاملة السيادة على أراضي الرابع من حزيران، والقدس عاصمة لفلسطين، ووصاية هاشمية تنفيذية على مقدسات فلسطين كلها.وأخيراً، وعلى الرغم من الدور القطري _ المصري الواضح في ابرام الصفقات فنؤكد للجميع أن الصوت الفسطيني ما كان ليمر لولا دور أردني ضاغط قاده جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه وكذلك دور ولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله المعظم في كل المجالات السياسية دوليًا لإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني المقاوم والصامد على أرضه ومواجهة كل المؤامرات، وتحرك شعوب العالم ضد العدوان الغاشم.أما عن غزة بعيدا عن فرحنا صمودهم أمام مشاريع التهجير فقد كشف دخول الصحفيين إلى غزة العزة حجم الدمار الذي تسبب به هذا الكيان العنصري الصهيوني المجرم، فقد محيت أحياء بأكملها، وقتلت عائلات بأكملها، وسقطت منظمات حقوق الإنسان في مستنقع توازنات القوى العالمية طوال مدة الحرب وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولية والمحكمة الدولية، وهذا يقود إلى ضرورة السير قدمًا في ما يحقق وقف الحرب كليًا بأي ثمن وانسحاب اسرائيل بالكامل من غزة وفتح المعابر، حتى لو كان الثمن إنهاء حكم حماس كليًا.الشعب الفلسطيني سيبقي شعباً حياً يناضل ويعمل على تحرير أرضه رغم ضعف إمكانياته ومقدراته عبر انتفاضاته المتواصلة ولو وحده، ولن يهنأ الإحتلال وستعود فلسطين حرة عربية إلى حضنها العربي ولو طال الزمن.. الاردن كعهده دومًأ تحت قيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سيتجاوز كل التحديات في سبيل مستقبل مشرق للوطن وشعبه وسيكون والشعب والجيش العربي المصطفوي والاجهزة الامنية الساهرة على حمى الوطن خلفه نصيراً للشعب الفلسطيني وللقضايا العربية وللحفاظ على الأردن آمنًا مستقراً سخاءًا رخاءًا.