الزيادة السكانية تفوق التخطيط: العقار في الأردن يواجه أزمة

مدار الساعة – كتب عمر الشراري – في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة النمو السكاني في الأردن، يقف قطاع العقار متجمدًا، يترنّح بين قوانين غير محفزة، وواقع اقتصادي خانق، ومؤسسات لا تواكب حجم التحدي. الأزمة السكانية في البلاد لم تعد مجرد أرقام في دفاتر الإحصاءات، بل باتت تُقاس اليوم بعدد الشباب غير القادرين على شراء منزل، وعدد العائلات التي تُهجَّر من بيوتها لعجزها عن دفع الإيجار، وعدد الأراضي غير المخدومة التي تنتظر “خطة حكومية” لم تأتِ بعد. العقار لم يعد استثمارًا آمنًا.منذ سنوات والعقار الأردني يُروَّج له بأنه “الملاذ الآمن”، لكن الواقع اليوم تغيّر. المستثمرون فقدوا شهيّتهم، والمواطنون فقدوا قدرتهم. القوانين الحالية غير منصفة للمالك، فالإخلاء يأخذ سنوات في المحاكم، والمستأجر يحظى بحماية مطلقة، مهما كانت ظروف الدفع أو الإضرار بالعقار.من جهة أخرى، لا توجد أي استراتيجية حكومية لتوزيع الأراضي أو تحفيز السكن. لا مشاريع جديدة تُطرح، ولا أراضٍ تُباع بأسعار مقبولة، ولا خدمات تُوصل للمناطق غير المخدومة. وكأن الدولة قررت أن تبقى العقبة دائمة في طريق التملك والاستثمار، بينما تتفاقم الأزمة عامًا بعد عام.الوضع الاقتصادي يزيد الطين بلّة.ارتفاع فوائد البنوك، وتراجع الدخل، وغياب القروض السكنية الميسّرة، كلّها عوامل جعلت حلم التملك مستحيلًا. وفي ظل هذه الظروف، يختنق السوق بين شقق فارغة لا تجد مشترين، وعائلات مكتظّة في منازل لا تليق بالبشر.فأين الدولة من كل هذا؟سؤال مشروع. الحكومة تكتفي بلعب دور المتفرج، لا تنظيم حقيقي للإيجارات، ولا حلول لأزمة السكن، ولا تسهيلات للمالك، ولا تمويل للمحتاج. وكأن ملف العقار لا يعنيها، رغم أنه في صلب الأمن الاجتماعي والسكاني.نحن أمام أزمة متكاملة: نمو سكاني متسارع، مقابل تراجع في المعروض، وغياب في التنظيم، وقوانين غير محفّزة، وكل هذا في وقت يحتاج فيه الأردن إلى إعادة التفكير بالكامل في ملف الأرض والسكن، قبل أن يصبح الاكتظاظ والعشوائيات هو الشكل الطبيعي للمدن الأردنية.