القضاة يتحدثون: رسالة إلى الأجهزة الأمنية في الأردن ـ تأليف: خبير القضاء

تأسرنا في كل مرة قدرة ومهارة أشاوس مديرية الأمن العام، وهم يكشفون خيوط القضايا الهامة بسرعة فائقة وبدرجة عالية من الدقة. قبل أيام انشغل الرأي العام بقضية وفاة أربعة أشخاص، وإصابة خامس بحالة سيئة كل على حدة في مدينة الزرقاء، لكن حالات الوفاة ونتيجة خبرة رجال الأمن العام أظهرت أن المتوفين عانوا من أعراض متشابهة، وهو وجود نسب مرتفعة من مادة الكحول الميثيلي في التحاليل المخبرية التي أجريت لهم.القضية لم تنتهِ عند هذا الحد بعد أن ارتفعت عدد حالات الوفاة إلى ٩، والإصابات إلى ٢٧، لتقود التحقيقات لتورط مصنع بالقضية وعدد من الأشخاص، تم ضبطهم وضبط المواد المسببة بحالات الوفاة، وجمع المواد الكحولية المنتجة من المصنع من الأسواق بالتعاون مع الجهات المختصة.السرد السريع لقضية وفيات وإصابات “الكحول الميثيلي”، الهدف منه تسليط الضوء على أداء أبطال اعتادوا ان يقدموا للمجتمع الأردني جل ما لديهم دون انتظار الشكر من احد، فهم نذروا أنفسهم لحماية الوطن والمواطنين.الضوء البسيط الذي أسلطه على أداء رجال الأمن، هو ضوء خجول أمام أداء عظيم يقدمه سلك الأمن العام والأجهزة الأمنية الأخرى حتى ينعم المواطنون بالراحة والطمأنينة الناتجتان عن وجود جهة أمنية موثوقة قادرة على حماية حقوقهم وممتلكاتهم، وقادرة على كشف خيوط وخبايا كل من تسول لهم أنفسهم بزعزعة أمن واستقرار المجتمع والوطن.ما دفعني لذكر رجال الأمن العام لمحاولة شكرهم أننا دائماً ما نركز على النتائج وننسى وجود عملية تؤدي إلى تحقيق النتائج، حتى عندما يتم تناقل الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر مجموعات الـ”واتس اب”، نجد الأغلبية العظمى تنقل نتائج القضايا فقط، ويتغاضون عن ذكر من كان وراء هذا الجهد، ومن عمل ليلا ونهارا لكشف الحقائق ووقف المزيد من الخسائر البشرية مثلما حدث مؤخرا في قضية الكحول الميثيلي، بعد أن كشف أُسود الأمن العام عن السبب الرئيس لحالات الوفاة والإصابات، واحتواء الأمر، بسحب المواد المتسببة من الأسواق.أعمال وأفعال وجهود منتسبي الأمن العام عديدة وكبيرة، لا يكفيها أوراق ولا حبر لذكرها، فما يقدموه عظيم، ويتطلب منا أن نكون كمواطنين على قدر المسؤولية، ونكون سند لهم على أقل تقدير، نساعدهم ونوفر لهم البيئة المناسبة للقيام بواجباتهم لا أن نعيق أعمالهم ونؤثر عليهم سلبا ونزيد من الأعباء عليهم، فالوقفات الاحتجاجية التي رافقت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما تخللها من خروج البعض عن الأخلاق، زاد من الضغط على رجال الأمن الذين أثبتوا ولاءهم لوطنهم، وعكسوا بأفعالهم محبتهم للشعب الأردني الأصيل الذي يعشق تراب الوطن، ويقف صفا لجانب رجل الأمن للمحافظة على الأمن والاستقرار وإغلاق أبواب الفتنة أمام كل من تسول له نفسه اختراق أمن الوطن.أختم في كلمات شكر كان وجهها سيد البلاد في رسالة إلى منتسبي الأمن العام “نعبّر عن اعتزازنا بكل منتسبي جيشنا الأبي وأجهزتنا الأمنية الباسلة، لا ننسى ولا ينسى الأردنيون أنكم تؤثرون مواصلة العمل حفاظا على أمن الوطن، وتأمين سلامة المواطن على راحتكم، ووجودكم بين أهلكم وعائلاتكم، مقدرين لكم عاليا يا حماة الوطن، الرابضين في خنادق العطاء والإيثار والتضحية، احتكامكم إلى القانون واعتبار كل الأردنيين أهلكم وربعكم، ووضعكم نصب أعينكم حبّ الوطن العزيز على قلوبنا جميعا، فلكم من محبتنا أخلصها وأصدقها، ومن الشكر أوفره وأجزله”[email protected]