أبو زيد يطرح تساؤلات حول الثانوية العامة من جديد في ظل غياب الوعي العلمي ـ بقلم: زيد أبو زيد

قبل بدأ امتحانات الثانوية العامة كتبت مقالين فصلت فيهما قرار الدولة الاردنية بشكل عام ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص تطوير إمتحان الثانوية العامة بشكلٍ لا يخل بمصداقيته وسمعته العربية والعالمية وتحدثت مطولاً عن مواصفات الامتحان الناجح وعن جاهزية وزارة التربية والتعليم لعقد الامتحان وأن القلق والتوتر في المجتمع الأردني زال أو في طريقه إلى الزوال مع التحديثات المتدرجة التي حدثت وأنهت مفهوم الفشل الذي صاحب الطلبة وذويهم لعقود، لدرجة أصبحنا طلبة تتجاوز علاماتهم 95% يتقدمون للإمتحان مرة أخرى لرفع المعدل حتى يتمكن الطلبة من دراسة التخصصات الجامعية التي يرغبون وهي تحديثات أصابت المناهج والكتب والامتحانات وطرائق التدريس ، ولكنها حلقة في مسلسل سيستكمل خلال سنوات التدريج وليس دفة واحدة وكان مما كتبته أن وزارة التربية والتعليم تتبع في وضع الامتحانات خارطة طريق ليحقق الامتحان مواصفات الاختبار الجيد يتم إعداده وفق منظومة من عدة خطوات، و إجراءات وقواعد تهدف إلى تحديد مدى قدرة الفرد أو الطالب على امتلاك المعلومة و المعرفة وتقيس مهارات التفكير العليا ، وأن يكون الاختبار صادقًا عندما يقيس الأمور التي يجب أن يتم قياسها فعلًا ويدل على مدى الارتباط بمحتوى المادة الدراسية ، وأن يكون موضوعيًأ و أن يحتكم المصحح خلال التصحيح إلى أسس ثابتة ودقيقة وواضحة حتى يستطيع الطالب أخذ ما يستحقه في الامتحان دون زيادة أو نقصان. وأن يقيس الاختبار ما وضع لأجل قياسه، وان يكون شاملاً والمقصود بذلك أن يغطي الامتحان جميع النواحي والمهارات التي ترغب الوزارة بتقييمها في الطلبة. و أن يستطيع الامتحان التمييز بين الطلبة من حيث الدرجات التي يحصدونها. فالطلبة لا يتشابهون في المستويات فهناك طلبة بمستوى ضعيف وطلاب متفوقين وآخرين بمستوى جيد. ويجب أن يراعي الامتحان الجيد الفروقات الفردية بين مستويات الطلبة من جميع النواحي. والدافعية وهو أن يشعر الطلبة عن طريق أسئلة الامتحان أنه لا بد من بذل الجهد للإجابة عنها. ويجب أن يعرف الطلبة أن الوزارة لم تضع الامتحان حتى تقوم بتعجيزهم أو الانتقام وان يكون واقعيًا حيث يجب أن تكون أسئلة الامتحان واقعية من حيث الجهد المبذول فيها من قبل الطالب. وسار امتحان الثانوية كما كتبت حتى تقدم الطلبة لامتحان الرياضيات الورقة الأولى وهنا انقلبت المفاهيم وتسلل الى ميدان الامتحان كل من هب ودب واصبح الامر كالسوق المفتوح ، وبين الهجوم والدفاع كانت وزارة التربية والتعليم مضطرة الى الصمت قليلا حتى يسود السكون قليلا لتقديم الرأي العلمي والعملي بما سينتج عن كل هذا الضجيج أو سموه النقد بشقيه السلبي والإيجابي.ولنبدأ بالجملة الأولى في هذا السياق أن لا مصلحة لوزير التربية والتعليم في امتحان بدرجة صعوبة عالية تخل بالشروط العلمية للامتحان ، كما ان وزير التربية وكل العاملين في وزارة التربية والتعليم لا يطلعون على اسئلة الامتحانات إلاّ بعد تقديمها للطلبة حفاظًا على سرية الامتحان، كما أن المنطق يقول أن الوزير وغيره لا يرغب بمعارك جانبية تثنيه عن عمله والإبداع فيه فما الذي حصل وجعل النائب والعين والمعلم والطالب وعابر السبيل يتفيهق ويحلل ويحكم بسلبية الامتحانات وصعوبتها بعد دقائق وساعات من الامتحان، وانا هنا حتى الان لم اتحدث عن الامتحان بحد ذاته، ولكني اتحدث بشكل عام عن معركة كانت ساحتها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات ولكن الغريب أن الجميع كتب فيها بعلم وبغير علم فهل هذا من الإنصاف ولماذا لا نترك وزارة التربية والتعليم تبحث الأمر بموضوعية وروية بما يحقق مصالح الوطن والطلبة ومصداقية الامتحان.ولكن للأسف الشديد فيبدو أن هذا أصبح محالا لإنّنا نعيش عصرًا معقدًا استحوذت فيه مواقع التواصل الاجتماعي على ناصية الإعلام، ومارس كثير من مستخدمي هذه المواقع التزوير والتلفيق والتشويه والاستهزاء المقصود وغير المقصود، بل أن بعض من حاول الدفاع عن الوزارة دون وعي ونضج وعلم تسبب في ضرر أكبر وأعلى حدة.علاوة على أنّ اغتيال الشخصيات، وتسخيف الإنجازات، وإطلاق النعوت، واصطياد الزلات، وهي ليست من الأخلاق في شيء لقوله تعالى: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ” [سورة القصص، الآية 55]، ولأنّ ما يُكتَب على مواقع التواصل الاجتماعي فيه تخبّط وإساءات لكثير من الأشخاص والمؤسسات وخاصة وزارة التربية والتعليم في زمن الثانوية العامة، وبعضهم ينسى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: “منْ حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يَعنيهِ” رواه الترمذيّ، فمتى نترك ما لا يعنينا؟ ومتى نترفععن الإساءة والتنمر على مؤسساتنا الوطنية ومن أهمها وزارة التربية والتعليم وهنا أنا لا أمنع النقد إن وجد ولكن بحدود المقاييس العلمية لا النقد العبثي الذي يهمه فقط تشويه صورة الامتحان ؟ ونحن جميعا نعلم أن وزارة التربية والتعليم ستعالج أي مظهر خلل في الامتحانات دون تأخير أو طلب من أحد. ولكن المعركة دارت رحاها قبل أن يجف حبر أقلام الطلبة على دفاتر الامتحانات فكيف قيم البعض الإجابات سلبا أو ايجابا ومن قال أن هناك أحرص من الوزاره على طلبتها مع التقدير والاحترام لكل نائب ومعلم وخبير مهتم ببيان الحقيقة فلا أحد يستطيع حرمان أي شخص من حرية الرأي والتعبير بحدود المنطق والاحترام.ولكن يبدو أنّ نوعًا جديدًا من الوباء قد انتشر اليوم وهو إعلام الشائعات وهو ما أدى إلى أن يصبح الامتحان أزمة.إنّ إعلام الشائعات عرفناه سابقًا، ولكن في الأوقات العصيبة على الطلبة يتكاتف المجتمع كله ويتوحد في سبيل التخفيف عن الطلبة لاستكمال باقي الامتحانات، ومن المنطق أن ينصبّ التفكير على كيفية معالجة أي خلل إن وقع فعلا ولكن في الغرف المغلقة ومع أصحاب الخبرة والدراية والقرار.ولكنّ الغريب أنّ بعضًا ممّن تعود على السلبية؛ لأنّها متأصلة في نفسه، أو لأنّه يعمل وفق أجنداته الخاصة، أو لاستهتاره، استبدل الصحف الصفراء بما ساد في عقود غابرة، تلك الصحف التي اشتهرت بتناقلها الفضائح، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، ومن ثَمّ، وفي ظل التطور التكنولوجي الهائل، وظهور الشبكة العنكبوتية خَفتَ بريقها، وظنّنا أنّ إعلام الغد سيكون محايدًا وصادقًا، ولن يتورط في إثارة المجتمع.إنّ الحرية الإعلامية مكّنت بعض الإعلام مثل المدونات أو الصفحات الشخصية أو المواقع المأجورة، من استغلال هامش الحرية إلى أمور مصطنعة يسعى مروجوها إلى نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي بعض الصحف الإلكترونية ، وهي تعبّر عن عدم نضج عند معظم مطلقيها .وأنا لا أريد أن أقف ناصحًا لأبناء الوطن الأغلى بألّا يلتفتوا إلى كل ما ينشر، فنحن بما أنعم الله علينا من مدارس وجامعات ومعاهد لا تحصى نعرف الغث من السمين، ولكن إيّاكم أن تقعوا فريسة أناس لا يخافون الله فيكم، ولا يرقبون فيكم إلًّا ولا ذمة؛ فقد عمل أولئك على ذر الرماد في العيون لتعمية الحقيقة عن انجازات وزارة التربية والدولة؛ لأنّهم لا يريدون للوطن الخير، فالمملكة الأردنية الهاشمية كانت وما زالت عظيمة بشعبها ووَحدتها ونظامها وتجربتها؛ ما جعلها فعلًا عظيمة في عيون الشعوب كلها، فليفتخر أبناء الأردن بإنجازات هذا البلد الكبير بشعبه الصغير بإمكاناته؛ ليحقق الأهداف المنشودة والآمال المرجوّة. وآخر حديثي أن يحفظ الله الوطن آمنًا مستقرًّا سخاءً رخاءً تحت الراية الهاشمية المظفّرة متمنيا التوفيق والنجاح لطلبتنا الأحبة.