هل من المسموح شراء سلة غذائية دون معرفة تفاصيل محتوياتها؟

مدار الساعة – السؤال: أرغب في إنشاء تطبيق للهاتف المحمول في بلدي يهدف إلى تقليل هدر الطعام، من خلال مساعدة المحلات التجارية ـ مثل المخابز والمطاعم ـ على بيع ما تبقى لديهم من الطعام في نهاية اليوم بسعر منخفض، الفكرة أن الزبون يحجز “سلة” من الطعام خلال اليوم، ولكن صاحب المحل لا يعرف بالضبط ما هي الأصناف التي ستبقى عنده حتى نهاية اليوم، ولهذا السبب، لا يعرف المشتري محتوى السلة بشكل دقيق وقت الدفع، وقد لا يعرفه إلا عند استلام السلة، سؤالي هو: هل يجوز شرعاً بيع مثل هذه السلال التي لا يُعلم محتواها بدقة وقت الشراء، مع العلم أن قيمتها مضمونة، ومثلاً تُباع على أساس ٣ قطع من المخبوزات، أو ١ كيلو من الفواكه دون تحديد الأنواع وإذا كان هذا لا يجوز، فما هي الشروط التي تجعل هذه المعاملة جائزة في الشريعة الإسلامية؟ الجواب:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:أولا:يشترط لصحة البيع أن يكون المبيع معلوما عند العقد.قال في “الروض المربع”، ص 309 في شروط صحة البيع: “الشرط السادس أن يكون (المبيع معلوما) عند المتعاقدين؛ لأن جهالة المبيع غرر.ومعرفةُ المبيع: إما (برؤية) له، أو لبعضه الدال عليه.[ويشترط أن تكون هذه المعرفة]: مقارِنةً [للعقد]، أو متقدمةً بزمن لا يتغير فيه المبيع ظاهرا.ويلحق بذلك: ما عُرف بلمسه أو شمه أو ذوقه.(أو صفةٍ) تكفي في السلَم، فتقوم مقام الرؤية في بيع ما يجوز السلم فيه خاصة” انتهى.والجهالة هنا فاحشة، كما هو ظاهر من السؤال، تدخل في الغرر المنهي عنه شرعا، وقد روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) .قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: ” قال رحمه الله: [وأن يكون معلوماً برؤية أو صفة].وهذا هو الشرط السادس: أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو صفة، فإذا بعتَ شيئاً، أو اشتريتَ شيئاً؛ فلابد وأن يكون الثمن والمُثْمَن معلوماً، إمّا برؤية، أو صفة.وبعبارة أوضح: ألا يكون المبيع مجهولاً جهالةً مؤثرة.فبعض الأحيان يقول لك: أبيعك شيئاً بعشرة آلاف، أو بمائة، وهذه جهالةٌ كلية، فلا تدري ما هو هذا الشيء؟ أهو من الأحياء، أم من الجمادات؟ أهو غالٍ أم رخيص؟فهذه جهالة مستحكمة من جميع الوجوه، فلا تدري بجنسه، ولا نوعه، ولا صفته، ولا قدره، ولا عدده، ولا تدري ما هو هذا الشيء، فالبيع باطل ولا يجوز…وفي بعض الأحيان يكون المبيع معلوم الجنس، لكن غير معلوم النوع، أو معلوم الجنس والنوع، لكنه غير معلوم الصفة، أو غير معلوم القدر، أو غير معلوم العدد.ومثال ما كان معلوم الجنس، مجهول النوع، كأن يقول له: أبيعك بهيمة بألفٍ، فإن بهيمة الأنعام: إبل وبقر وغنم، فلا ندري أهي من الإبل أم من البقر أم من الغنم، فجهل النوع، والجهالة بعد ذلك مستتبعة، فلا ندري من أي الأنواع، ونفس النوع لا ندري أجيّدٌ هو أم رديء؟فإذا قال له: أبيعك حيواناً، فهذه جهالة، ولو: حددّ النوع، فقال: أبيعك إبلاً بمائةٍ أو بألفٍ، لم يصح؛ لأنه، وإن حددّ النوع: فإن الصفة غير معلومة، والعدد غير معلوم، فهذه جهالة للصفة والعدد، ولو حدّد العدد فقال: أبيعك بعيراً واحداً، فقد علمنا الجنس وأنه من بهيمة الأنعام، وعلمنا النوع أنه إبل، وعلمنا العدد أنه بعير واحد؛ لكن جهلنا الصفة، فلا ندري ما هي صفاته؟ أهو كبير السن أم صغير السن؟ ثم أهو متصف بالصفات الجيدة أو الرديئة أو وسط بينهما؟كذلك أيضاً قد تعلم الجنس وتعلم النوع؛ لكن لا تعلم العدد والقدر، فلو قال لك: أشتري منك بيتك بذهبٍ، فأنت هنا علمت جنس المال، ونوعه الذي هو الذهب، لكنك لا تدري كم قدره؟ فلا ندري أهو مائة جنيه، أو مائتين أو جنيهاً واحداً؟ فحينئذٍ لا تدري كم قدره وعدده، فهذه جهالة مؤثرة.وأياً ما كان، فالجهالة مؤثرة وموجبة لفساد البيع” انتهى من شرح زاد المستقنع.وعلى ذلك؛فيشترط لصحة بيع الفاكهة أن يعلم نوعها ، وحالها ، وكونها طازجة، أو لا، وغير ذلك من صفاتها.وكذلك المخبوزات، لابد من العلم بنوعها، وهل هي طرية أو يابسة ، إلخ، وهذا لا يتحقق إلا برؤيتها أو أن توصف له إذا كان الوصف يزيل الجهالة، وهذا يتفاوت في النوع الواحد، فضلا عن الأنواع المختلفة.فإذا كان الإنسان يشتري سلة لا يعلم محتواها، مثل كيلو من الفاكهة، لا يعلم نوعها، ولا صفتها وحالها، أو ثلاث قطع من المخبوزات لا يدري ما هي، فقد وقع البيع على شيء غير معلوم، لا بالرؤية ولا بالصفة، فلا يصح البيع حتى لو كان الثمن واحدا.وكونه يُعلم عند الاستلام، فهذا لا يفيد؛ لأن العبرة بكونه معلوما عند العقد.ثانيا:البديل المباح، أن يكون الاتفاق السابق مجرد وعد بينهما؛ أنه يشتري منه في نهاية اليوم كمية بمائة مثلا، وفي نهاية اليوم يشتري مما يتبقى، مما تتعلق رغبته بشرائه، بمائة، ويدفع المال عند الشراء، لا عند الوعد.فالراغب في الشراء يسجل رغبته، ويعد بالشراء، وله أن يحدد أنه سيشتري بقدر كذا من المال.فإن لم يتبق له شيء مما يرغب في شرائه، أو لم يكن بالصفة التي يرغب فيها، فلا حرج عليه ألا يشتري شيئا، أو يشتري ببعض المال الذي قدره أولا، ما يرغب فيه.والله أعلم.المصدر:موقع الإسلام سؤال وجواب