الشنق تكتب: هل نحن أمام سكرجيات أم أشخاص فقدوا حياتهم؟ عندما تغيب الرحمة… نستهزئ بالصامتين – بقلم: نجوى صالح الشناق

سبعة أشخاص فقدوا حياتهم بعد تناول خمر مغشوش يحتوي على مواد كيميائية قاتلة. مأساة ثقيلة، لكن الأثقل كان ما شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من موجة تنمّر وسخرية، لم تُراعِ حرمة الموتى ولا مشاعر ذويهم. المؤلم أن هذه الحملة القاسية لم تكن من عامة الناس فقط، بل جاءت في كثير منها من مثقفين، وأصحاب شهادات عليا، وأسماء لها وزنها الاجتماعي والأكاديمي. فبدلًا من الدعاء أو حتى الصمت، رأينا تعليقات جارحة، وأوصافًا مُهينة اختزلت الضحايا في كلمة واحدة: “سكرجية”.هل أصبحت الثقافة عبئًا على الرحمة؟هل أصبح التحصيل العلمي يُستخدم في إذكاء الإدانة بدلًا من تعزيز الفهم والرحمة؟من أين نأتي بحق السخرية من أناس رحلوا، لا يملكون الآن حتى حق الدفاع عن أنفسهم؟تلك الكلمة التي تكررت لم تكن وصفًا عابرًا، بل طعنًا في كرامة من ماتوا. وكأن ذنبهم – حتى لو كان حقيقيًا – يمنح الآخرين تصريحًا بالتنمّر والتشفي، وكأن الخطأ يُسقط عن الإنسان إنسانيته.الدين يأمرنا بالستر لا بالفضيحة، بالدعاء لا بالشماتة. والإنسانية الحقة تظهر في المواقف الصعبة، حين نختار الرحمة على القسوة، والدعم على الهدم.نعم، قد أخطأوا، وربما اختاروا طريقًا مؤلمًا، لكنهم أيضًا ضحايا لجشع وغش قاتل. ولا أحد بيننا يضمن طريقه، ولا خاتمته. فما حقنا إذًا في جلد الغائبين واحتقارهم؟لقد طُويت صفحاتهم، أما نحن فما زلنا نكتب ونُحاسب على كل حرف. فلنعد إلى ضمائرنا، ولنفهم أن الرحمة لا تحتاج شهادات، بل قلوبًا حية، وأن الإنسان الحقيقي لا يُقاس بما يعرف، بل بما يُظهر من رحمة في لحظة ضعف الآخرين.