الناصر يكتب: الأمير الحسين في قلوب الأردنيين ونظراتهم – بقلم: د. طارق زياد الناصر

الناصر يكتب: الأمير الحسين في قلوب الأردنيين ونظراتهم – بقلم: د. طارق زياد الناصر


لم أَحظَ بشرفِ لقاءِ سموِّ الأميرِ الحُسينِ سابقًا، لكنَّني كأيِّ أردنيٍّ تابعتُ كلَّ محطّاتِ حياةِ هذا الشبلِ الهاشميِّ، وفهمتُ كيفَ ينظرُ الأردنيّونَ إلى أميرِهم الشابِّ بعينِ المُحبِّينَ، وعقولِ الطامحينَ لمستقبلٍ يرسُمُه جلالةُ الملكِ، وتكتملُ ملامحُهُ بهِمَّةِ الأميرِ الشابِّ، الذي يُسارِعُ بعزيمةٍ ليكونَ بينَ الأردنيِّينَ في كلِّ ساحةٍ وكلِّ ميدانٍ.والعسكريَّةُ هي واحدةٌ من أبرزِ محطّاتِ الأميرِ التي لا بدَّ من ذِكرِها باعتبارِها مدرسةً للانضباطِ والمسؤوليَّةِ، فوليُّ العهدِ على خُطى أبيهِ وجدِّه يُجسِّدُ بروحِهِ العسكريَّةِ والتزامِهِ الميدانيِّ صورةَ القائدِ الشابِّ القريبِ من وطنِهِ وجيشِهِ، ويَراهُ الشبابُ الأردنيُّ قدوةً وأنموذجًا في الحياةِ العسكريَّةِ.ولم تَكُنْ خدمتُهُ في صفوفِ القوّاتِ المسلّحةِ الأردنيّةِ – الجيشِ العربيِّ – عادةً أو ضرورةً، بقدرِ ما هي خيارٌ واعٍ يُعكسُ إيمانَهُ العميقَ بقيمِ الجنديَّةِ، والانتماءِ، والقيادةِ القائمةِ على الفعلِ لا القولِ.وظهورُهُ المميّزُ في الميادينِ العسكريّةِ، ومشاركتُهُ في التدريباتِ لرفاقِ السلاحِ، يُؤكِّدُ أنَّ للميدانِ صورةً خاصّةً لدى الأميرِ، ولتضحياتِ الجُندِ في ميدانِ الرُّجولةِ تقديرًا كبيرًا لدى الحُسينِ، وهو ما ينعكسُ أيضًا على الحياةِ المدنيّةِ والتنمويّةِ، ففي قاموسِ الأميرِ كعسكريٍّ، المكانُ فقط للأفعالِ لا للشعاراتِ.وعلى صعيدٍ آخرَ، فإنَّ الشبابَ على رأسِ قائمةِ الأولويّاتِ لدى الأميرِ، الذي هو واحدٌ منهم، مع اهتمامِ سموِّهِ بريادةِ الأعمالِ، باعتبارِهما محورًا رئيسيًّا لرسالتِهِ التنمويّةِ، وباعتبارِ طاقةِ الشبابِ واستثمارِ قدراتِهِم هي مفتاحُ نهضةِ الأردنِّ وأساسُ تحوّلِهِ باتجاهِ الاقتصادِ المعرفيِّ الحديثِ والمستدامِ.وقد حرصَ سموُّهُ على عقدِ لقاءاتٍ متعدّدةٍ مع قادةٍ ومبادرينَ شبابٍ، ودعمِ المبادراتِ الشبابيّةِ، وتوفيرِ المساحاتِ التي تُمكِّنُ الرياديِّينَ من تحويلِ أفكارِهم إلى مشاريعَ إنتاجيّةٍ تخدمُ الأردنَّ، من خلالِ البرامجِ والمبادراتِ التي أطلقتْها مؤسّسةُ وليِّ العهدِ.ولعلَّ هذا الالتزامَ لا ينبعُ من واجبٍ بروتوكوليٍّ تقليديٍّ، بل من إيمانٍ راسخٍ بأنَّ الشبابَ هم حاضرُ الوطنِ المُشرِقُ، ومحرِّكُ تقدُّمِهِ نحوَ المستقبلِ.وفي هذا السّياقِ، يتكاملُ دورُ سموِّهِ مع الدورِ التنمويِّ للحكومةِ، حيثُ يعملُ بتنسيقٍ فاعلٍ مع المؤسّساتِ الرسميّةِ لتعزيزِ البرامجِ التنمويّةِ، ومواءمتِها مع احتياجاتِ المجتمعِ، خاصّةً في مجالاتِ التعليمِ، والتشغيلِ، والابتكارِ.ويُؤمنُ سموُّهُ بأنَّ تطويرَ عملِ الحكومةِ لا يكونُ بزيادةِ المهامِّ، بل بتجويدِ الأداءِ، وتوسيعِ دائرةِ الشراكةِ مع المجتمعِ، لخلقِ بيئةٍ داعمةٍ تنقلُ الدولةَ من منطقِ الرعايةِ إلى منطقِ التمكينِ، بما يُحقِّقُ تنميةً شاملةً ومستدامةً تنعكسُ آثارُها على حياةِ الأردنيِّينَ في مختلفِ المحافظاتِ.وهنا لا بدَّ من الإشارةِ إلى نشاطِ الأميرِ الاجتماعيِّ، فهو عنوانٌ لهذا الجهدِ الفكريِّ الكبيرِ، وأنَّ حملَ سموِّ الأميرِ لكلِّ مهمّةٍ وطنيّةٍ هو جزءٌ من هويّةِ قائدٍ شابٍّ يحملُ رؤى جلالةِ الملكِ بعزيمةٍ واقتدارٍ، وأميرٌ قادرٌ على سَبْرِ أعماقِ المستقبلِ بكفاءةٍ، وتوظيفِ أدواتِ البناءِ والتنميةِ باحترافٍ، مع تعزيزِ الهويّةِ الوطنيّةِ الراسخةِ.ولعلَّ الذاكرةَ الأردنيّةَ لن تنسى أبدًا مشاهدَ زفافِ الأميرِ ومراسمَ زواجِهِ، التي كانت تجسيدًا حقيقيًّا لإرثِنا الثقافيِّ، الحاضرِ في عمقِ التاريخِ، وعاداتِنا الأردنيّةِ التي نعتزُّ بها.اليومَ، والوطنُ يحتفلُ بعيدِ ميلادِ الأميرِ الواحدِ والثلاثينَ، نستذكرُ بعضَ محطّاتِ مسيرتِهِ الوطنيّةِ، التي عنوانُها التنميةُ، والشبابُ، والجنديّةُ، والعملُ مع الأهلِ والعزوةِ من أبناءِ الوطنِ، ونرى أميرًا هاشميًّا يحملُ ما يحملُ من قيمٍ عروبيّةٍ إسلاميّةٍ أصيلةٍ، ويَرِثُ ما يَرِثُ من رجولةٍ وخُلُقِ بيتِ النبوّةِ الطاهرِ، ليقفَ إلى يمينِ القائدِ والأبِ قُرَّةَ عينٍ ومبعثَ سعادةٍ، ليس لجلالةِ الملكِ وحسبُ، وإنّما لوطنٍ كبيرٍ هو الأردنُّ.وفي هذه المناسبةِ نقولُ: كلَّ عامٍ وجلالةُ الملكِ مُرشِدُنا ومُلهمُنا، كلَّ عامٍ وأميرُنا بينَنا، كلَّ عامٍ وأميرُنا بخيرٍ، ونقولُ أيضًا: كلَّ عامٍ ونحنُ معكم وبكم أقوى، كلَّ عامٍ ونحنُ حولَكم جُندٌ أوفياءُ، وصَحبٌ صادقونَ، كما كان آباؤُنا وأجدادُنا من قبلُ، وكما سيكونُ أبناؤُنا وأحفادُنا من بعدُ.