العنوان: “العتوم يسلط الضوء: هل يزداد التوتر مع روسيا كلما اجتمعت الناتو؟” – بقلم: د. حسام العتوم

غريب عجيب هو حلف ( الناتو ) في سلوكه . فمنذ تأسيس 32 دولة غربية له في بروكسل في بلجيكا بتاريخ 4 نيسان 1949،وهو ينصب العداء لروسيا الاتحادية و للمنظمومة السوفيتية السابقة تاركا بقية الشرق و العالم . و عندما تأسس كانت الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تمتلك السلاح النووي عام 1945 ، و جربته فورا بقصف اليابان في حادثتي ( هوريشيما و ناكازاكي ) بهدف انهاء الحرب العالمية الثانية التي حقق الاتحاد السوفيتي فيها نصرا ساحقا على النازية الألمانية بفاتورة من الشهداء بلغت حوالي 28 مليون شهيد ، و بعد رفعه للعلم السوفيتي فوق مبنى الرايخ الألماني ( البرلمان ) ، في وقت لم تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة ( بريطانيا ) فعل ذلك ، وهما المشاركتان في المعركة الثانية العالمية الكبيرة في ساعاتها الأخيرة .ودول ( الناتو ) النووية وصاحبة ( الفيتو ) هي أمريكا ، و فرنسا ، و بريطانيا فقط . و لا أهداف عدوانية لروسيا تجاه الغرب . و تحديد عام 2030 من قبل الغرب لاحتمال هجوم روسي عليه مجرد سراب و خديعة إعلامية و سياسية يصعب تصديقها و نفاها الرئيس بوتين بنفسه عدة مرات و علنا .ولقد اكتشف السوفييت عام 1949 مخططا غربيا لضربه بالقنبلة النووية ، لكن امتلاك الاتحاد السوفيتي لمثلها في ذلك الوقت أحبط مشروع الغرب ، و أنقذ التجمع السوفيتي من الدمار مبكرا . ومع هذا وذاك فكك الاتحاد السوفيتي نفسه طوعا عام 1991 ،و فكك معه حلف ( وارسو ) المؤسس عام 1955 ، في رسالة للغرب ، بأن روسيا الاتحادية وحدها قادرة على النهوض المستمر و حماية المجموعة السوفيتية السابقة أيضا .و أصبح لروسيا تحالفات هامة في شرق و جنوب العالم ، مع الصين التي تتربع على عرش العالم الاقتصادي ، ومع الهند النووية الناهضة ، ومع دول مجموعة ” البريكس ” ، و تمتلك روسيا الرقم 1 في السلاح النووي على مستوى العالم ، و الرقم 1 على مستوى اقتصاد أسيا ، و الرقم 1 على مستوى المساحة و المصادر الطبيعية في العالم . وحاليا في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب 2025 تقيم روسيا علاقات حميدة دافئة مع الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أي وقت مضى .وفي عام 2000 بادر رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين بطلب ادخال بلاده لحلف ( الناتو ) ، و عرض ذلك على الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقتها ، وهو الذي قابل الطلب الروسي كما أمريكا بالصمت ، بينما رغب بوتين في ردم الهوة بين الغرب و الشرق ، و إنهاء الحرب الباردة و سباق التسلح ، و التفرغ للتنمية الشاملة على المستوى الدولي . و بالمناسبة شكل( الناتو) سببا رئيسا لحرب أفغانستان عام 1979 ، عندما حاول الهبوط وسطها إبان سعير الحرب الباردة و سباق التسلح ، لكن الاتحاد السوفيتي كان له بالمرصاد ،و استبق الحدث . ولم يرغب السوفييت البقاء لفترة طويلة في أفغانستان و لا احتلالها كما أشاع الغرب ، وعمل ذات الوقت على حشد العرب و الأفغان لمطاردة السوفييت ، بينما كان خروجهم من هناك قرارا سياسيا تقدمة الزعيم ليونيد بريجينيف .وفي الحرب الأوكرانية شيوعا ، رسم حلف ( الناتو ) سيناريو و ملامح الحرب ، و شجع عليها ، و قاد لوجستيا الثورة البرتقالية في العاصمة ” كييف ” بالتعاون مع التيار البنديري الأوكراني المتطرف ، و أنجح انقلاب ” كييف ” الدموي بنفس الطريقة ، بهدف ليس طرد أخر رئيس أوكراني موالي لروسيا مثل فيكتور يونوكوفيج فقط ، و هو الذي احتضنته روسيا كما الرئيس المخلوع بشار الأسد ، و إنما لاجتثاث الحضور الروسي و السوفيتي السابق من أوكرانيا ، و لفصل خارطة أوكرانيا بالكامل ، و التي انفكت طوعا عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، عن روسيا و المناطق السوفيتية السابقة . و عبث الناتو بحدود روسيا و أوكرانيا ، و حاول الاقتراب منهما ، و شكل سببا رئيسا للحرب الأوكرانية ، و لازال يعزف على موضوع امكانية ادخال أوكرانيا ، أو ماتبقى منها لداخل ( الناتو ) بهدف مماحكة روسيا المنتصرة في الحرب و العبث في أعصابها ، بينما هو الغرب الخاسر لها إلى جانب العاصمة ( كييف ) .وفي الوقت الذي واجهت فيه روسيا مخططات الغرب في زمن بريطانيا – بوريس جونسون ، و أمريكا – جو بايدن ، بضم إقليم ( القرم ) عبر صناديق الاقتراع ، حرض الغرب على حرب شعبية قادتها ( كييف ) – بيترو باراشينكا و فلاديمير زيلينسكي ، استمرت ثماني سنوات ، كان هدفها ضم شرق و جنوب أوكرانيا قسرا لكييف و لغرب أوكرانيا ، راح ضحيتها أكثر من 14 الفا من المكون الأوكراني و الروسي الديمغرافي ، و شرد غيرهم . و حركت روسيا وقتها صناديق الاقتراع من جديد بنتيجة أظهرت رغبة سكان تلك المناطق بالانضمام لروسيا . و دفعت روسيا بتاريخ 24 شباط 2022 عملية عسكرية خاصة تحريرية إستباقية تمكنت من خلالها تحرير مجموعة من الاقاليم ( الدونباس – لوغانسك و دونيتسك ، و زاباروجا و خيرسون ) محققة إلى جانب القرم تحرير 25% من الاراضي الأوكرانية السابقة و التي أصبحت روسية الأصل و دخلت الدستور الروسي . و حاولت روسيا انجاح اتفاقية ( مينسك 2015 ) و اشركت فيها بيلاروسيا ، و المانيا ، و فرنسا مع وقف اطلاق النار ، لكن بعض المشاركين أنفسهم مثل المانيا و فرنسا أفشلا الاتفاقية التي كان من الممكن أن تفضي لسلام دائم .و استمرت روسيا في عقد جلسات السلام مع نظام أوكرانيا في أنقرة عام 2022، و أفشلها التشاور الأوكراني مع الاتحاد الأوروبي و أمريكا – جو بايدن ، و في إسطنبول في المقابل عام 2025 لمرتين تحت النار ، وحققت نجاحات ملموسة على مستوى تبادل الأسرى . و أعلن الرئيس بوتين حديثا عن رغبة بلاده بمواصلة التفاوض مع ( كييف ) مجددا في إسطنبول وتحت النار ، فإما السلام العادل المنتصر ، و إما تحرير المزيد من الاراضي الأوكرانية ، التي تعتبرها روسيا – روسية الأصل – ، و بأن عليها أن تدخل الدستور الروسي. وما أقوله هنا يقوله الرئيس بوتين ، و شخصيا أستمع لخطاباته و لخطابات وزير خارجيته سيرجي لافروف باللغة الروسية مباشرة و أحلل .قال الرئيس فلاديمير بوتين ، بأنه لا يلتفت كثيرا لرغبة ( الناتو ) في اجتماعهم في هولندا بتطوير سلاحهم ، وهم الذين يصرفون على ميزانية عسكرتهم أكثر من تريليون دولار سنويا ، أي أكثر من عسكرة دول العالم مجتمعين . و تصريحات ( الناتو) بدراسة ادخال أوكرانيا لحلفه مجددا استفزاز لروسيا فقط . و مواصلة التلويح من قبل( الناتو) بإستمرار تسليح أوكرانيا بعد صرف 350 مليار دولار بنفس الاتجاه غباء سياسي قل نظيره . وفي السابق كان الرئيس الأمريكي – جو بايدن يقود العداء لروسيا ، أما اليوم فإن الاتحاد الأوروبي هو الذي يقود العداء لروسيا و الدسيسة أيضا ، و يغرر بأمريكا – ترامب التي تقود السلام مع روسيا – بوتين ، ولكي تنحرف عن مسارها .