القرالة يكتب: الهدنة برعاية واشنطن: ما هي وضعيتنا بعد النزاع الإيراني – الإسرائيلي؟ ـ بقلم: غيث القرالة

بعد أسابيع من التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل انتهت المواجهة باتفاق هش على وقف إطلاق النار رعته الولايات المتحدة الأمريكية في إطار مساع عاجلة لمنع اندلاع حرب إقليمية شاملة تهدد استقرار الشرق الأوسط ومصالح العالم بأسره ورغم توقف الضربات المتبادلة فإن آثار هذه الحرب لا تزال ماثلة وتثير أسئلة جوهرية ماذا تغير وأين نقف نحن كدول عربية وسط هذا التحول الجيوسياسي الخطير؟لم يكن اتفاق وقف إطلاق النار وليد توافق إقليمي بل نتيجة ضغط أمريكي مباشر على الجانبين مدعوم بجهود استخباراتية وقنوات تواصل غير معلنة الولايات المتحدة التي تخشى انفجار المنطقة بما يضر بإمدادات الطاقة العالمية ويقوض استقرار حلفائها دفعت بقوة نحو التهدئة مستثمرة نفوذها في تل أبيب واتصالاتها غير المباشرة مع طهران عبر وسطاء لكن هذا الاتفاق لا يعكس نهاية للصراع بل مرحلة جديدة من الصراع غير المباشر تستبدل الحرب بالمواجهة السياسية والحشد الإعلامي بالتحالفات الخفية.وفي السياق ذاته لم تخرج أي من الدولتين منتصرة بشكل واضح فإيران سعت لتكريس نفسها كقوة ردع إقليمية بعد أحداث غزة لكنها دفعت ثمناً اقتصادياً باهظاً وعسكرياً مؤلماً أما إسرائيل فرغم تفوقها العملياتي لم تستطع منع تساقط الصواريخ فوق أراضيها أو طمأنة مجتمعها الداخلي.في المقابل بدت الدول العربية في موقع المتفرج الحذر بعضها التزم الصمت والبعض الآخر دعا لخفض التصعيد، فيما ظهر الأردن مجدداً كصوت عقلاني يدعو إلى التهدئة والحلول السياسية.علاوة على ذلك الحرب كشفت مجدداً مدى هشاشة الغياب العربي عن مراكز القرار الإقليمي فالمنطقة تعاد صياغتها عبر اتفاقات ترعاها واشنطن أو تفاهمات تجريها طهران وتل أبيب بينما تغيب الإرادة العربية الموحدة لصياغة مستقبلها بيدهالقد أصبح من الضروري التفكير في نظام أمني عربي مشترك يعيد التوازن للمنطقة ويمنع الانزلاق المستمر نحو الاعتماد على الخارج في كل أزمة كبرى.مارس الأردن سياسة متزنة في التعاطي مع الأزمة مؤكداً على رفضه لاستخدام أراضيه أو أجوائه في أي صراع وداعياً إلى احترام السيادة وضرورة العودة إلى الحلول الدبلوماسية واحترام القانون الدولي.لكن هذه الحرب فتحت الباب أمام تساؤلات داخلية كيف نحمي أمننا القومي من ارتدادات الحروب المجاورة وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الأردن في إعادة ترتيب أوراق الأمن الإقليمي.مجمل القول ،،،اتفاق وقف إطلاق النار رغم أهميته لا يعني أن الخطر قد زال بل هو بمثابة استراحة مقاتل في صراع أطول سيكون فيه المستقبل من نصيب الدول التي تحسن قراءة المتغيرات وتبني سياساتها على المصالح لا على ردود الفعل.والسؤال المفتوح الآن: هل نعيد صياغة دورنا الإقليمي كعرب أم نكتفي بلعب دور شهود العيان في مسرح تتغير ملامحه كل يوم