الكردي تُعبر: هذا ليس ما توقعناه من التوجيهي.. أليس من العدل أن تنصفونا؟ ـ بقلم: جوان الكردي

الكردي تُعبر: هذا ليس ما توقعناه من التوجيهي.. أليس من العدل أن تنصفونا؟ ـ بقلم: جوان الكردي


مرة أخرى، يعود التوجيهي ليصبح كابوسا يطارد بيوت الأردنيين، لا كمرحلة دراسية بل كمعركة نفسية واقتصادية واجتماعية، ترهق الطلاب وتستنزف الأهل.لكن هذه السنة، كانت الأصعب.كل عام نقول إن الامتحانات صعبة، لكن هذه المرة ليست مبالغة. هذه المرة، نرى أبناءنا وبناتنا يخرجون من القاعات منهارين، باكين، مفجوعين. هذا المشهد لا يمكن إنكاره. لا تبرره تصريحات رسمية ولا بيانات وزارة تقول “الأسئلة من داخل المنهاج”. نحن لا نرى المنهاج، نحن نرى دموعهم، رجفة أيديهم، نظراتهم الضائعة، صمتهم الثقيل حين يعودون إلى البيت.احكوا اللي بدكم إياه عن مستوى الأسئلة، لكن الحقيقة الصادمة يرويها طالب خرج من الامتحان ووجهه شاحب كأنه خرج من معركة. يرويها أهل سهِروا معه الليالي، صرفوا من قوت يومهم على دروس الخصوصي، وتركوا أنفسهم جانبا ليعيش هو حلمه… ثم فجأة، حلمه ينهار في ورقة امتحان أُعدّت وكأنها اختبار قبول في الدكتوراه لا في الثانوية العامة.نحن لا نطلب أن يعطى النجاح مجانا، ولا أن تفتح الأبواب دون تعب. نحن نؤمن بالاجتهاد والعدالة. لكن ما يحدث اليوم لا يشبه العدالة. أن يسأل الطالب في دقائق معدودة عن تفاصيل معقدة، وأن يصاغ الامتحان وكأنه تحدلعقل خارق، فهذه ليست عدالة. هذا ظلم.الطالب الذي لا ينجح في التوجيهي، ماذا ينتظره؟ الشارع؟ الفراغ؟ القلق؟ الشعور بالفشل؟ أليس من الأجدى أن نجعل من التوجيهي فرصة لصناعة الأمل، لا عبورًا نحو الانهيار؟نحن لا نكتب من فراغ. نحن نكتب من وجع. من قهر. من مشهد أمهات يسهرن على الأبواب يدعين، وآباء يكتمون دموعهم خلف صرامة الوجه. من جيل كامل يقاس مستقبله بورقة وقلم تحت ضغط لا يرحم.رفقا بأبنائنا يا أصحاب القرار، رفقا بأرواح لم تخلق لتسحق. فالعلم ليس رعبا، والتعليم ليس وسيلة للتمييز بين البشر. التوجيهي مرحلة، لا نهاية الحياة.