اليماني: عام هجري جديد… بزوغ أمل وتجديد للروح – بقلم: د. مريم علي اليماني

مع إشراقة الهلال الجديد، يهلُّ علينا عام هجري جديد، يحمل في طيّاته دعوة خفية للتأمل والتجديد، ولإعادة ترتيب الذات على ضوء ما مضى وما هو آتٍ. إنه ليس مجرّد رقمٍ يُضاف إلى تقويم الزمن، بل هو محطة روحية تتفتح فيها نوافذ القلب على الأمل، وتتنفس فيها الروح معاني الهجرة: هجرة النفس من ضعفها إلى قوتها، من غفلتها إلى وعيها، ومن تيهِها إلى يقينها.إنّ الهجرة النبوية لم تكن مجرد انتقال جسدي من مكة إلى المدينة، بل كانت تجسيدًا لأسمى معاني الصبر والثبات، ولأعمق معاني الإيمان واليقين. هي لحظة فارقة، فيها عبرة لكل من أنهكه الزمن، ولكل من ضاق به الدرب، بأن طريق النور لا يُفْتَحُ إلا بعد عتمة، وأن الفرج لا يُمنح إلا بعد كرب، وأن الله لا يُضيع من توكل عليه.في مطلع هذا العام، نجلس مع أنفسنا كما جلس النبي ﷺ في غار ثور، نراجع دروبنا، ونقيم صلحًا صادقًا مع ذواتنا، فليس أصدق من البدايات التي تولد من رحم التجربة. ولعلنا نُحسن السؤال: ماذا حملنا من العام الذي مضى؟ وماذا نأمل من العام الذي جاء؟في هذا العام، فلنهاجر إلى ما هو أطهر في القول، وأصفى في النية، وأرحم في الفعل. لنجعل من قيم الهجرة نبراسًا نستنير به في دروب الحياة: الثقة، التوكل، التضحية، والعمل الجماعي، والمواساة. ولنتأمل كيف أن أمة بدأت بخطوة هجرة، ثم قامت حضارة، وتبدلت موازين، وانتصر الحق.كل عام هجري جديد هو فرصة إلهية لمنحه جديدة، لمن أراد أن يبدأ من جديد، أن يغفر ويُغفر له، أن يعفو ويُعفى عنه، أن يُعيد ترتيب فصول حكايته بإرادة قوية وإيمان صادق.فليكن عامنا الهجري الجديد عامًا للصفح، للسمو، للبناء، وللسلام مع أنفسنا ومع من حولنا.كل عام وأنتم إلى الله أقرب، وبقلوبكم أنقى، وبأيامكم أجمل.