الجبور يشرح: إلغاء حبس المدين في الأردن بموجب التعديل الأخير لقانون التنفيذ ـ بقلم: المحامي محمد علي الجبور

دخلت تعديلات قانون التنفيذ الأردني حيز التنفيذ بتاريخ 25 يونيو 2025، حيث أقر المشرّع الأردني تعديلًا جوهريًا يتعلق بحبس المدين في قضايا الديون التعاقدية. التعديل نص بشكل واضح على أنه لم يعد يجوز حبس المدين بسبب ديون ناشئة عن التزامات تعاقدية مهما بلغت قيمة الدين، وهو ما يشكل نقلة نوعية في التشريع الأردني. وبموجب المادة (22/هـ) من قانون التنفيذ المعدل، فإن حبس المدين غير جائز بعد مرور ثلاث سنوات من نفاذ القانون، باستثناء بعض الحالات المحددة مثل الديون الناشئة عن عقود الإيجار وعقود العمل. وهذا يعني أن الحبس لا يجوز لأي دين تعاقدي، سواء كان قرضًا بنكيًا، أو شيكًا، أو كمبيالة، أو عقد بيع أو تقديم خدمة، بغض النظر عن قيمته، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.يأتي هذا التعديل انسجامًا مع مبادئ دستورية وإنسانية تحمي حرية الشخص، حيث يرفض القانون سلب الحرية بسبب عجز مالي، خاصة حين يكون المدين غير قادر على السداد لأسباب خارجة عن إرادته. كما يتماشى مع المعايير الدولية التي صادق عليها الأردن، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.بدلًا من الحبس، أتاح القانون وسائل تنفيذ مدنية أخرى تضمن للدائن حقوقه، دون المساس بحرية المدين، ومنها الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة، والحجز على الحسابات البنكية، ومنع السفر، وطلب الكفالات المالية أو الشخصية، بالإضافة إلى فرض خطط تقسيط خاضعة لإشراف المحكمة.في الختام، أصبح الحبس التنفيذي للمدين بسبب الديون التعاقدية ملغىً نهائيًا اعتبارًا من 25 يونيو 2025، وهو تحوّل مهم يعكس التزام الأردن بحماية حقوق الإنسان وكرامة الأفراد، مع ضمان توازن عادل بين حقوق الدائن والمدين.وهذا هو الإعدام المدني بعينه – لكن بحق الدائن، لا المدين.العدالة مش معناها نسجن الفقير،ولا نترك الغني يتهرّب…العدالة توازن بين الرحمة والحق.