غياب الصحفيين عن احتفال نادي الحسين: زلة أم مؤامرة؟!

مدار الساعة – محمد قديسات – أثار تغييب الصحفيين في محافظة إربد عن احتفالية نادي الحسين أمس السبت بإشهار شعاره الجديد استياءً واسعاً في أوساط الجسم الصحفي في المحافظة الذين طالما انبروا بالوقوف مع النادي وإنجازاته، مثلما وقفوا معه في ساعات العسرة والشدة، ونقلوا همومه وتعايشوا معها منذ تأسيس النادي عام 1964. والعتب هنا ليس مقتصراً على شخوص الصحفيين أنفسهم الذين تعاقبوا على تغطية الأحداث الرياضية والشبابية في محافظة إربد وفي مقدمتها نادي الحسين، بل اعتبروه تجاهلاً مقصوداً لمؤسساتهم الإعلامية والصحفية التي كانت حاضرة على الدوام في المشهد أيام كان الآخرون غير موجودين على الساحة. وإذا ما أردت استذكار صحفيين مداداهم لم يجف ولم تغب صحفهم عن المشهد فإن القائمة تطول وتطول، فتغييب الصحفيين ممثلي الصحف والمواقع الإلكترونية التي كان لها دور بارز في تغطية الأحداث الرياضية وإنجازات نادي الحسين في السنتين الأخيرتين تحديداً عبّروا عن استيائهم ودهشتهم من هذا التجاهل، في حين حضر ما يسمى اصطلاحاً “بالمؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي، تناسياً للزمن الجميل الذي كان يتنقل فيه الصحفي من ملعب إلى آخر ومن صالة إلى أخرى لمتابعة الأحداث وتغطيتها.وفي سياق العتب الممزوج بالاستهجان من قبل ممثلي وكالة الأنباء الأردنية (بترا) وصحف الرأي والدستور والغد وصدى الشعب والأنباط وقناة رؤيا ومواقع إخبارية وغيرها، فإن تقدير دور المؤثرين خطوة إيجابية ولفتة طيبة من أسرة النادي، لكن ليس من المقبول أن يكون ذلك على حساب صحفيين أفنوا سنوات عملهم في الملاعب والصالات ومتابعة الأحداث الرياضية ونقلها باحترافية ومهنية عالية.وما بين السقطة والهفوة تبرز العديد من علامات الاستفهام التي نتمنى أن نسمع تبريراً مقنعاً لها من قبل إدارة النادي في أقرب وقت.فليُطرح السؤال بوضوح هذه المرة: من الذي قرّر أن حضور المؤثرين يكفي، وأن غياب الصحفيين لا يُحدث فرقاً؟ من الذي أعاد ترتيب سلّم الأهمية، ووضع عدسة الهاتف المحمول قبل عدسة الكاميرا الصحفية، وتغريدة سطحية قبل تقريرٍ ميداني موثّق؟إن ما جرى لا يمكن قراءته في إطار مجاملة بروتوكولية، بل هو رسالة عكسية تصل إلى الصحفيين مفادها: “وجودكم ليس ضرورياً”، وهي رسالة لا تخدم أحداً، ولا تليق بتاريخ نادٍ بحجم نادي الحسين الذي ظلّت الصحافة ترفع اسمه وتوثّق مسيرته خطوة بخطوة.هذا التجاهل، إن مرّ دون مراجعة صريحة واعتذار معنوي على الأقل، فإنه لا يضرب فقط الروح المهنية للصحفيين، بل يُربك العلاقة بين الأندية والإعلام، ويجعل من الفضاء الرياضي ساحة لتغليب الأضواء على الأصالة، والمجاملة على المهنية، والظهور على الجوهر.وفي ظل صعود طوفان “المحتوى السريع” و”الترند اللحظي”، لا بد من التذكير بأن الصحافة ليست مجرد وسيط، بل ذاكرة وطنية، وأرشيف ناطق، وسجلّ للمكان والناس واللحظة. فهل يريد أحدنا أن تكون احتفالياتنا القادمة بلا ذاكرة؟لا أحد يعترض على تكريم المؤثرين أو دعوتهم، فلكل منهم جمهوره ومجاله ولهم احترامهم، ولكن أن يتم ذلك على حساب من حملوا الكاميرا في شتاء الملعب وحرّ الصيف، من جلسوا خلف لوحة المفاتيح يكتبون للمستقبل، فهنا يختلّ الميزان وتضيع البوصلة.إن إعادة الاعتبار للمؤسسات الصحفية وللصحفيين ليست ترفًا، بل هي مسؤولية. وإدارة نادي الحسين أمام اختبار حقيقي في قدرتها على تفهّم رمزية ما حدث، لا باعتباره خطأً إدارياً، بل كعلامة ثقافية على تحوّل مقلق يستحق التوقف عنده.ختامًا، لا نطلب أكثر من إنصاف… ولا ننتظر أقل من توضيح. فالصحفيون ليسوا طلاب دعوات، بل أصحاب حق في الحضور والتقدير، وشركاء لا عابري مناسبات.فهل نسمع من إدارة النادي ما يليق بتاريخ الصحافة وتاريخ الحسين؟أم أن في الصمت تواطؤاً جديداً… لا هفوة ولا نسوة، بل سهوٌ عن معنى الوفاء؟