الشورى يكتب: الجامعة الأردنية.. كيف تتحول المعرفة إلى حضارة والهوية الأكاديمية إلى لغة عالمية

مدار الساعة – كتب: حمد الشوره – ليست الجامعات مجرد مبانٍ من حجر، ولا قاعات تعبق برائحة الورق والحبر، بل هي كيانات فكرية تنبض بالمعنى، تصوغ الوعي، وتشكّل وجدان الأمم.وهكذا كانت الجامعة الأردنية، ومنذ نشأتها، ليست مجرد أول جامعة في الأردن، بل أول نَفَس أكاديمي وطني أعلن أن للعلم في هذا الوطن جذورٌ ضاربة، وأجنحة تحلق نحو المستقبل.واليوم، وهي تحقّق إنجازًا عالميًا غير مسبوق بحلولها في المرتبة 324 عالميًا وفق تصنيف QS العالمي لعام 2025، فإنها لا تحتفل بترتيبٍ رقمي فحسب، بل توثّق لحظة وعي وطني جماعي، لحظة تقول فيها للشرق والغرب:”ها نحن هنا… نكتب اسمنا على خارطة التميز، لا كأتباع، بل كشركاء في إنتاج المعرفة وبناء الحضارة.”لقد كانت الجامعة الأردنية على الدوام منارة للفكر النقدي، ومنبتًا للقيادات، ومساحة حرة للعقل أن يتنفس، وللضمير الأكاديمي أن يقول كلمته دون وجل.وهذا الإنجاز هو محصلة تراكمية لعقود من العمل الجاد، والمثابرة الصامتة، والتزام عميق برسالة التعليم العالي كأداة للتحرر والتنوير والتنمية.من مكاتب الأساتذة وبحوث الطلبة، من أروقة الكليات وقاعات الندوات، ومن أرفف المكتبات التي حملت ذاكرة الأمة، خرج هذا الترتيب المشرّف…ترتيب لم تصنعه سياسة ولا دعاية، بل صنعته عقول نذرت نفسها للبحث، وأرواح رأت في التدريس رسالة لا مهنة.إن الوصول إلى المرتبة 324 عالميًا هو اعتراف عالمي بمستوى البرامج الأكاديمية، بجودة البحث العلمي، بشبكة العلاقات الدولية، وبمخرجاتٍ ترفع رأس الوطن في كل مكان.لكن الأهم من ذلك كله، أن هذا الإنجاز يعيد إلينا الإيمان العميق بأن الجامعة الأردنية لم تكن ولن تكون حكاية من الماضي، بل هي مشروع وطني حي، يتجدد مع كل جيل، ويحمل على كتفيه أمل أمة بأكملها.فيا كل من مرّ من هنا طالبًا، معلمًا، باحثًا، أو حارسًا لفكرة:هذا المجد يُهدى لكم…وهذا التقدم ثمرة لكم…وما زال الطريق أمامنا مفتوحًا نحو ما هو أسمى، وأبعد، وأبقى.الجامعة الأردنية… عقل الوطن، وصوت العلم، ومرآة المستقبل.