الملك يُطلق إنذارًا أخلاقيًا – تأليف: علاء القرالة

الملك يُطلق إنذارًا أخلاقيًا – تأليف: علاء القرالة


الخطاب الذي القاه جلالة الملك أمام “البرلمان الأوروبي” في مدينة ستراسبورغ لم يكن تقليديا، ولا مجرد تعبير عن حضور بروتوكولي، بل جاء بمثابة “جرس إنذار” حضاري وأخلاقي، في زمن بدأت فيه “القيم تتآكل” تحت ضغط المصالح ومأسي الحروب والصراعات في المنطقة والعالم، فما رسالة الملك؟كما اعتدنا من جلالته، حضرت فلسطين حاضرة بكل وضوح، ولم تكن مجرد فقرة من حديث سياسي، بل كانت القضية التي تتصدر المشهد، وجاءت كعنوان ثابت لقيم العدالة والحرية والاخلاق ، مخاطبا أوروبا من قلب مؤسساتها الديمقراطية، ليقول ما تردد كثيرون في قوله، وليضع الحقائق على طاولة القرار الأوروبي بلا تجميل أو مواربة.قالها الملك بكل صراحة : الفلسطينيون، مثلهم كمثل جميع الشعوب، يستحقون الحق في الحرية والسيادة واقامة دولتهم المستقلة”، فجلالته في هذا القول لم يساوم، ولم يهادن، بل واجه العالم بحقيقته، وأن ما يحدث في غزة والضفة من تجويع وتدمير وانتهاكات يومية، هو نقيض للقانون الدولي والمعايير الأخلاقية ، التي يدعي العالم الدفاع عنها.جلالته وبلهجة محملة بالقلق، أشار إلى أن”توسيع إسرائيل” لهجماتها العسكرية لتشمل إيران، ينذر بانفجار لا يعرف له حدود، و”يهدد الشعوب في كل مكان”، محذرا من أن المنطقة على شفا تصعيد خطير، قد يدفع ثمنه الأبرياء من مختلف الشعوب، مذكرا العالم بأن السلام الحقيقي لا يفرض بالقوة والخوف، بل يقوم على العدالة و القيم المشتركة .الملك لم يخف شعوره بأن العالم بحالة “انفلات أخلاقي”، حيث تحولت فيه الجرائم إلى مشهد اعتيادي، كما ان المجاعات تحولت إلى أداة حرب، والصمت إلى تواطؤ، متسائلا بصوت الضمير، كيف أصبح ما لم يحتمل يوما، شيئا معتادا اليوم؟ كيف أصبح استهداف المستشفيات وقتل الأطفال مجرد خبر عابر؟.جلالته أكد في خطابه، على أن العالم على “مفترق طرق” حقيقي، ما يتطلب من أوروبا أن تختار بين المبادئ والانحيازات، وبين حكم القانون أو منطق القوة، وبين أن تكون جزءا من الحل العادل المنصف لكل شعوب العالم، أو شريكاً في استمرار المأساة، مشدداً على أن الأردن سيبقى الشريك القوي لأوروبا في هذه المهمة الأخلاقية العالمية.خلاصة القول ، من على منبر البرلمان الأوروبي، أعاد الملك “رسم معالم الطريق” أمام العالم، فلا سلام بلا عدالة، ولا أمن بلا حقوق، ولا مستقبل في ظل التجاهل المستمر لمعاناة الشعوب، فخطاب الملك لن يتوقف عند قبة البرلمان الأوروبي، بل هو بمثابة”ورقة موقف أردني “يجب أن تطوف العالم، ففي الوقت الذي تغيب فيه الاصوات الحرة، يصر الأردن بقيادته على أن يبقى حاملا لراية القيم والعدالة والسلام والإنسانية.