الخصاونة يكتب: الملك عبدالله الثاني يترك أثراً في البرلمان الأوروبي بخطاب تاريخي أخلاقي – بقلم: المحامي حسام حسين الخصاونة

الخصاونة يكتب: الملك عبدالله الثاني يترك أثراً في البرلمان الأوروبي بخطاب تاريخي أخلاقي – بقلم: المحامي حسام حسين الخصاونة


في مشهد نادر من الإجماع والإعجاب وقف أعضاء البرلمان الأوروبي مصفقين لجلالة الملك عبدالله الثاني تقديرًا لخطاب استثنائي ألقاه اليوم في العاصمة الفرنسية لم يكن تصفيقهم مجاملة دبلوماسية بل كان احترامًا عميقًا لقائد تحدث بلسان الإنسانية وعبّر عن الضمير العالمي الذي أنهكته الحروب وغابت عنه العدالة. جاء الخطاب محمّلًا برسائل إنسانية وأخلاقية وسياسية في لحظة تاريخية تعيش فيها البشرية انحدارًا في القيم وتراجعًا مقلقًا في مفاهيم العدالة خاصة مع ما يجري في غزة التي وصفها جلالة الملك بأنها أصبحت مرآة لانحدار الضمير العالمي بعد أن باتت مشاهد القصف والمجاعة واستهداف الأبرياء أمرًا اعتياديًا لا يُذكر ورغم كل الظروف لم ينسَ الملك غزة بل قالها صراحة إن العالم خذل غزة وتركها تواجه مصيرها وحدها في ظل صمت دولي مخزٍ.جلالة الملك لم يكتفِ بوصف الواقع بل قدّم تشخيصًا دقيقًا لاضطراب النظام الدولي مؤكدًا أن العالم فقد بوصلته الأخلاقية وأن الحروب لم تعد مجرد صراعات على الأرض بل معارك على الأفكار والقيم التي ستحدد ملامح المستقبل.توقف الملك عند تجربة أوروبا التاريخية بعد الحرب العالمية الثانية وكيف اختارت شعوبها البناء والسلام بدل الانتقام والكرامة بدل الهيمنة ودعا إلى استلهام تلك القيم لمواجهة التحديات الراهنة مشددًا أن الأمن الحقيقي لا يتحقق بالجيوش بل بالقيم المشتركة.ولم يغب عن خطاب جلالته التأكيد على الثوابت الأردنية الدفاع عن القدس والتمسك بالوصاية الهاشمية والدعوة لحلّ الدولتين كخيار وحيد يضمن للشعب الفلسطيني حقه في الحرية والدولة المستقلةرسالة جلالة الملك كانت واضحة نحن أمام مفترق طرق علينا أن نختار بين الحق والقوة القانون أو الفوضى وأن العالم اليوم لا يحتاج إلى مواقف سياسية بقدر ما يحتاج إلى قرارات أخلاقية توقف المأساة وتستعيد إنسانية هذا العصر.لقد تحدث جلالة الملك لا باسم الأردن فقط بل باسم القيم باسم الشعوب التي فقدت الأمل وباسم ضمير العالم الذي لا يزال ينبض في وجدان الأحرار فاستحق بذلك احترام أوروبا وتصفيقها وتقدير كل من يؤمن أن في هذا العالم لا يزال هناك من يدافع عن الحقيقة دون أن يساوم.