النائب الغزاوي يكتب: كلمة الملك في البرلمان الأوروبي: رؤية إنسانية وأخلاقية في وقت حاسم

النائب الغزاوي يكتب: كلمة الملك في البرلمان الأوروبي: رؤية إنسانية وأخلاقية في وقت حاسم


مدار الساعة – كتب: النائب علي سليمان الغزاوي – في لحظة سياسية وإنسانية بالغة الحساسية، وقف جلالة الملك عبد الله الثاني اليوم أمام البرلمان الأوروبي، لا بصفته قائداً عربياً فحسب، بل بصفته صوت الضمير العالمي، حاملاً موقفاً أخلاقياً نادراً، ورسالة إنسانية وازنة في وقت تتصاعد فيه الأزمات وتغيب فيه العدالة.بصفتي نائباً في مجلس النواب الأردني، تابعت بفخر واعتزاز هذا الخطاب التاريخي، الذي حمل في طياته كل ما يعبّر عن وجدان الشعب الأردني، وهموم منطقتنا، وتطلعات شعوب العالم الساعية إلى الأمن والحرية والكرامة.جلالة الملك لم يكتف بتوصيف الواقع العالمي المضطرب، بل قدّم تحليلاً معمقاً لجذور التراجع الأخلاقي الذي يعصف بالمجتمع الدولي، مسلطاً الضوء على فقدان البوصلة القيمية، واستشراء الصراعات والازدواجية، وتراجع لغة القانون أمام منطق القوة. وقد كانت الإشارة المباشرة إلى المجازر والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بمثابة صرخة حق بوجه صمت العالم المطبق.الخطاب شكّل دفاعاً قوياً عن مبادئ القانون الدولي، وعن حقوق الإنسان التي أصبحت للأسف انتقائية ومسيّسة. وأكد جلالته أن ما يحدث في غزة ليس فقط مأساة إنسانية، بل امتحان حقيقي لإنسانيتنا كعالم، ودعا بجرأة إلى مساءلة الضمير العالمي: كيف تحوّل ما كان يُعد جريمةً قبل عشرين شهراً إلى “أمر اعتيادي” لا يحرّك ساكناً؟وفي محور جوهري، أعاد جلالة الملك التأكيد على مكانة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، باعتبارها التزاماً تاريخياً وأخلاقياً يرسّخ التعايش ويصون الهوية الدينية المتعددة للمدينة المقدسة، ويحميها من محاولات التغيير والتهويد والعبث بقدسيتها.كما شدّد جلالته على ضرورة إعادة الاعتبار للسلام القائم على العدالة، وحق الشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، في تقرير مصيرها وإقامة دولتها المستقلة، مؤكداً أن لا أمن عالمي حقيقياً دون إنهاء الاحتلال، وأن استمرار غياب الحل العادل سيدفع بالعالم إلى مزيد من الفوضى والتدهور.الخطاب لم يكن موجهاً لأوروبا فقط، بل للعالم أجمع. حمل نداءً من أجل استعادة القيم التي بُني عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الكرامة الإنسانية، وسيادة القانون، والتعاون من أجل مستقبل أفضل. وقدّم الأردن، مرة أخرى، كقوة إقليمية معتدلة وعاقلة، وكمثال في التوازن والتسامح والانفتاح، وشريك موثوق في صناعة السلام.نحن، في مجلس النواب الأردني، نقف خلف جلالة الملك في هذه الرسالة العادلة، ونؤكد أن الخطاب يمثّلنا ويمثل كل أردني حرّ شريف، وأنه وثيقة سياسية وأخلاقية يجب أن تُدرّس، لأنها تذكّر العالم بما يجب أن يكون، لا بما آل إليه الواقع المؤلم.في زمن الصمت، تكلّم الملك.. وفي زمن الانقسام، دعا إلى القيم. وفي زمن التخلي، ثبت على المبادئ.هذا هو الأردن. وهذه هي قيادته.