عريفج يكتب: المنطقة على حافة صراع.. مواجهة الكيان وردع إيران.. من يمكنه إيقاف التدهور؟ ـ بقلم: المحامي هيثم عريفج

عريفج يكتب: المنطقة على حافة صراع.. مواجهة الكيان وردع إيران.. من يمكنه إيقاف التدهور؟ ـ بقلم: المحامي هيثم عريفج


تعيش منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر لحظاتها توتراً منذ سنوات، بعد الضربة القاسية التي وجهها الكيان الإسرائيلي لإيران، والتي نستطيع وصفها بأنها تجاوزت حدود الرسائل المعتادة، وحملت في طياتها نية تصعيدية واضحة. اللافت أن الرد الإيراني المرتقب لا يبدو هذه المرة ضمن دائرة “الاستعراض الإعلامي” أو “الردود المحسوبة”، بل هناك مؤشرات فعلية على نية طهران كسر معادلة الردع السابقة. التحول اللافت في الموقف الإيراني يكمن في إدراك طهران أن التساهل في الرد على هذه الضربة سيُفسّر كضعف استراتيجي، خاصة في ظل تعاظم الضربات التي طالت منشآت وعناصر حساسة داخل الأراضي الإيرانية أو في مناطق نفوذها. ومع أن الضربات الإسرائيلية السابقة كانت توصف بأنها “تحذيرية”، فإن التصعيد الأخير تجاوز الخطوط الحمراء وأجبر إيران على إعادة حساباتها.عبارة “إيران لم تعد تخشى البلل” تلخّص المزاج السياسي الإيراني حاليًا: إذا كان الثمن هو المواجهة، فلتكن، ما دامت الهيبة الإقليمية على المحك.في مقابل ذلك، تقف العديد من العواصم العربية والدولية في حالة من الحذر والقلق، تراقب المشهد عن كثب، وتحاول ضبط مواقفها وفقاً لحسابات دقيقة. بعض الدول الخليجية، على سبيل المثال، تجد نفسها في موقف معقد؛ إذ لا ترغب بتوسّع الصراع إلى ساحاتها، لكنها في الوقت نفسه لا تخفي اصطفافها ضمن المحور الرافض لنفوذ طهران الإقليمي.في المقابل، هناك من لا يُخفي سعادته بتأجيج الصراع، مستغلاً لحظة الغليان لتحقيق مكاسب استراتيجية، دون أدنى اكتراث بتداعيات حرب محتملة على المدنيين، أو بانفجار إقليمي قد يعيد المنطقة سنوات إلى الوراء.الخطر الأكبر الذي يتهدد المنطقة اليوم لا يتمثل فقط في تبادل الضربات، بل في غياب الوسيط العقلاني القادر على فرملة هذا التصعيد. إن وجود لاعبين إقليميين ودوليين يسيرون خلف أجندات متطرفة، يجعل إمكانية الانزلاق نحو مواجهة شاملة أمرًا واردًا، بل ووشيكًا في حال غابت الحكمة وانهارت قنوات التهدئة.إن الحروب لا تُبنى على الخطابات، بل على النوايا، وقد أثبتت السنوات الماضية أن أي شرارة غير محسوبة، حتى لو كانت محدودة، كفيلة بإشعال حريق إقليمي لا تُعرف نهايته.من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى موقف عربي واضح، يرتكز على أولوية الأمن الإقليمي والاستقرار السياسي، ويضع مصالح الشعوب فوق أي اعتبار. لا مجال الآن للرهان على الأطراف المتطرفة أو الغرق في اصطفافات محكومة بالثأر أو المصالح قصيرة المدى.على الجميع، دولًا وشعوبًا، أن يدركوا أن المواجهة القادمة – إن وقعت – لن تعفي أحدًا من شظاياها، ولن تترك خارطة المنطقة على حالها.حمى الله أوطاننا، ووقى المنطقة شر الفتن والانزلاق نحو المجهول