خلال موسم الحج: النساء وكبار السن في الصدارة والشباب يساهمون في الأعمال الخيرية

خلال موسم الحج: النساء وكبار السن في الصدارة والشباب يساهمون في الأعمال الخيرية

في موسم لا يقاس فقط بعدد الحجاج، بل بما تحمله رحلتهم من مشاعر وأولويات واختيارات شخصية عميقة، حصلت وكالة أنباء الشرق الأوسط على بيان إحصائي يكشف ملامح التوزيع العمري والنوعي لحجاج الجمعيات الأهلية لموسم حج 1446هـ / 2025م.

وكشف البيان أن هذا الموسم يعد هو الأول منذ جائحة كورونا الذي تعود فيه حصة حج الجمعيات الأهلية كاملة، بواقع 12.516 تأشيرة، مما منح الفرصة لشريحة أوسع من المنتظرين لأداء الفريضة.

النساء في المقدمة.. أحلام مؤجلة تزهر أخيرا ومن أبرز ما كشفت عنه البيانات هو أن النساء يمثلن الأغلبية بين الحجاج بنسبة 57.3% (7168 حاجة)، مقابل 42.7% فقط من الذكور (5348 حاجا).

هذا التفوق العددي للنساء يعكس تحولات مجتمعية واقتصادية هادئة لكنها واضحة، فالمرأة اليوم وخاصة في الفئات العمرية الأكبر، باتت أكثر وعيا بفرصها في نيل حقوقها الروحية، وأكثر قدرة على التقدم، التسجيل، والمتابعة في مسارات التسجيل في بعثات الحج المختلفة.

كثير من السيدات، وفق حديثهن لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى الأراضي المقدسة، هن أمهات وأرامل ينتظرن هذه الفرصة منذ سنوات، وبعضهن ادخرن لسنوات أو اعتمدن على دعم الأبناء.

كبار السن: حضور طاغ لأصحاب الانتظار الطويل وأشار البيان إلى أن الفئة العمرية من 71 عاما فأكثر جاءت في المرتبة الأولى بنسبة 20.8%، تلتها الفئتان من 51-60 عاما و61-70 عاما بنسبة إجمالية تقارب 21.8%، ما يعني أن قرابة نصف الحجاج تقريبا (42.6%) تجاوزوا الخمسين من عمرهم.

ويكرس هذا التوجه سياسة اجتماعية صامتة لكنها عادلة: من انتظر طويلا يجب أن يتقدم، الاختيار هنا ليس مجرد حظ في قرعة، بل امتداد لفكرة العدالة الزمنية، أن يحصل أول من انتظر، لا أول من يملك.

الشباب في الظل: اختيارهم البر قبل الفرض على الرغم من أن الأرقام أظهرت تمثيلا محدودا للفئة العمرية من 18 إلى 30 عاما بنسبة لا تتجاوز 0.5% فقط (189 حاجا)، فإن القصة خلف هذه النسبة أكثر إنسانية مما قد تبدو.

تبدو الأرقام للوهلة الأولى مجرد نسب مئوية وجداول، لكنها عند التأمل تكشف الكثير، النساء في المقدمة، بعد سنوات من الانتظار والتخطيط، تقدمن الصفوف بثبات وإصرار، وكبار السن، من صبروا طويلا، نالوا أخيرا حقهم في أن يكونوا أول الواصلين إلى بيت الله، بعدما خاضوا رحلات من الصبر والدعاء، أما الشباب، فقد اختاروا أن يكونوا في الظل بمحض إرادتهم، مقدمين البر قبل الفرض، والأهل قبل النفس، ليؤكدوا أن التضحية الصامتة أبلغ من كل حضور.

وهكذا، لا يعود الحج مجرد رحلة أو فريضة تؤدى، بل يتحول إلى مشهد إنساني متكامل، تتجلى فيه القيم بأبهى صورها: الوفاء، العدل، الإيثار، والرحمة.. إنه اختبار روحي واجتماعي، تمارس فيه العدالة بطريقة لا تحتاج إلى ضجيج، وتثبت فيه المجتمعات أنها، رغم التحديات، ما زالت تحفظ أولوياتها الكبرى وتعرف من يستحق أن يكون في الطليعة.

وفي موسم الحج، ترتفع هذه القيم في أقدس الأماكن، ليبقى الحج شاهدا على أن الإنسانية ما زالت بخير.